تحمل الكاتبة جيرالدين بروكس تصوراً جميلاً وحالماً تجاه الإسلام وقصص التاريخ الإسلامي، لكنها تُدلي بمعلومات مستقاة من مصادر غير موثقة، وهذا ما يوقعها في الوهم، فهي على سبيل المثال، تتصور أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يرى أن تسعة أعشار الرغبة للمرأة وعشر واحد منها للرجل! إضافة إلى معلومات أخرى غير دقيقة، مثل اعتقادها أن الرجل المسلم لا ينظر إلى المرأة بسبب أنه يخشى تدنيس نفسه بالنظر إلى المرأة الأوربية، كما تعتقد أن نبي الإسلام محمداً صلى الله عليه وسلم ارتمى في حضن خديجة رضي الله عنها عندما قال: «زملوني زملوني» راجياً منها أن تحميه من الملك جبريل؟ إلى غير ذلك من معلومات غير دقيقة، مثل تأخر نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في شأن النساء إلى ما بعد تسعة أعوام من وفاة خديجة. ومثل اعتقادها أن خديجة رضي الله عنها لو كانت على قيد الحياة، لكان من المستغرب نزول آية (الرجال قوّامون على النساء)، وذلك حيث تقول الكاتبة: «إن آية كهذه ستبدو غريبة على شفاه محمد لو أن خديجة على قيد الحياة تدفع مصاريفه». وكقولها في أحد الفصول: «إن جاء القرآن برسالة مشوشة حول الأطفال من الإناث». وكذلك تصورها أن الله منح للرجال فقط التمتع في الجنة بالنساء، ولم يمنح ذلك للنساء. إلى غير ذلك من الأخطاء الناتجة من القراءة التي حال العائق اللّغوي والمعنوي، وحال عدم إلمام الكاتبة بحقيقة التاريخ الإسلامي وفقهه دون إدراكها لها. كما أن بعض الأخطاء راجعة إلى عدم إجادة المترجمة للترجمة، فهو يترجم من الروايات الضعيفة في بعض الأحايين، مثل ترجمته «زملوني زملوني»، إلى «دثروني دثروني». ومثل ذلك ترجمته اسم مارية القبطية والدة إبراهيم رضي الله عنه إلى «مريم»! ومع ذلك، فالكاتبة الأسترالية التي «عجنت» نفسها بالمجتمع الأوسطي، وتشربت قصة الإسلام، لا تُخفي حبها الشديد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ تقول: «أحب نبي الإسلام النساء، تزوج زوجته الأولى عندما كان في ال25 من العمر، أمياً يتيماً فقيراً، لم يكن يطمح بأن يتلقّى عرض زواج من رئيسته خديجة، سيدة الأعمال المكية الثرية التي ائتمنته على تجارتها في الدولة، وفي حين لم يكن مألوفاً في الثقافة العربية أن تعرض النساء الزواج على الرجال، فإن خديجة كانت واحدة من أولئك النسوة اللائي لهن من المكانة ما يسمح لهن بفعل ذلك، منحته المال والمنزلة الرفيعة وأربع بنات، الوحيدات اللاتي بقين على قيد الحياة، آية الله روح الله الخميني والملك حسين ملك الأردن وآلاف من الشيوخ والملالي الذين يرتدون اليوم العمامة السوداء التي تدل على أنهم ينحدروا من نسب الرسول، جميعهم يعود نسبهم إلى واحدة من هؤلاء البنات الأربع». مضى محمد إلى خديجة مرتعشاً حين سمع للمرة الأولى صوت الملاك جبريل يتلفظ بكلمة الله، خائفاً على سلامة عقله، ألفى محمد نفسه يردد كلمات القرآن الأولى التي تعني ببساطة (القراءة أو التلاوة). ثم اختط طريقه إلى زوجته حابياً على يديه وركبتيه، وارتمى في حضنها قائلاً: «دثروني! دثروني!» راجياً إياها أن تحميه من الملاك. أكدت له خديجة أنه سليم العقل، وشجعته على الثقة برؤياه وأصبحت أول معتنقة للدين الجديد الذي يعني اسمه الإسلام «التسليم». وتضيف الكاتبة بروكس، في اعتزاز شديد، بموقف الإسلام من المرأة: «جاء الإسلام في القرن السابع إلى الجزيرة العربية، حيث البنات الصغيرات عديمات القيمة في ثقافة الغزو والرعي الخشنة، كن يوأدن، وفي سوق النخاسة في مكة، كان الجنود يبيعون السبايا اللائي أخذوهن على أنهن غنائم حرب، لكن قلةً من النساء، من أمثال خديجة كن يملكن المال والنفوذ، مما يمكنهن من اختيار أزواجهن وتكوين حياتهن الخاصة. ظلت خديجة الزوجة الوحيدة لمحمد مدة 24 عاماً، ولم يبدأ محمد بتلقي الوحي من الله بخصوص وضع النساء إلا بعد موتها، أي بعد تسعة أعوام من رؤياه الأولى». ومع هذا الحب الواضح للإسلام ولرسالته ولقصته وفقاً للفهم الخاص بالكاتبة، على رغم ذلك فإن ذلك لم يحرر الكاتبة من بعض التصورات الموهومة، التي لم تسعفها القراءة، وربما حالت عوائق اللغة بينها وبين إدراكها، أنها تصورت أن حجاب نساء النبي، كان يمثل معاناة لأزواج النبي رضوان الله عليهن، إذ تقول في أحد المقاطع: «لم تضطر خديجة المسلمة الأولى إطلاقاً لأن تضع الحجاب أو تقرّ في بيتها، وما عاشت أبداً لتعاني من كلمة الله التي تعلن بأن (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم)».