قلما يمر يوم لا تشهد فيه أروقة «قصر العدل»، وهو مجمع المحاكم في العاصمة الكويتية، النظر في شكاوى الحكومة ضد ناشطين ورموز في المعارضة، مع ما يصاحب كل جلسة محاكمة من اعتصامات وتظاهرات تضامنية مع المتهمين. وتقول المعارضة ان القضاء «صار سوطاً تضرب به السلطة خصومها»، غير ان الحكومة تؤكد انها تطبق القوانين ضد منتهكيها. وأمس مثل 15 ناشطاً وناشطة أمام النيابة بتهمة المشاركة في مسيرة غير مرخصة في ضاحية «كيفان» الشهر الماضي. ويقول الناشطون الذين قررت النيابة امس اخلاء سبيلهم بكفالات شخصية ان مسيرتهم واجهتها مسيرة مضادة موالية للحكومة «ولم يتم استدعاء اي من المشاركين فيها والتحقيق معهم مع انها كانت غير مرخصة أيضاً». ويرى المعارضون ان الحكومة «تكيل بمكيالين في تطبيق القانون». وتظهر جداول قصر العدل حضوراً يومياً حافلاً للمعارضة، فمثلاً تنظر محكمة الجنايات اليوم في اتهامات لسبعين مواطناً بينهم نواب سابقون في تهمة اقتحام مجلس الأمة (البرلمان) في 16 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، بينما تنظر دائرة اخرى في اتهام خالد الحميدي، وهو حدث لا يزيد عمره عن 15 سنة، بالمشاركة في مسيرة غير مرخصة. ومن المحتمل ان تصدر المحكمة اليوم ايضاً احكامها بحق 4 ناشطين بتهمة المشاركة في مسيرة «كرامة وطن 1» التي جرت في تشرين الاول (أكتوبر) الماضي، أما غداً الثلثاء فتنظر المحكمة في اتهام ثلاثة ناشطين ب «سلة من التهم» تتضمن «العيب في الذات الأميرية» و «تنظيم تظاهرة غير مرخصة» و «مقاومة رجال الامن بالقوة» وغيرها. وفي قضية مختلفة لكنها مرتبطة بالملف السياسي، تنظر المحكمة غداً في الاستئناف المقدم من قناة «اليوم» التلفزيونية التي اغلقت بقرار من وزارة الاعلام بسبب مخالفات ادارية طبقاً للحكومة لكن المعارضة تقول ان السبب سياسي وهو تبني القناة للاتجاه المعارض. ويشهد يوم الخميس نظر محكمة الجنايات في اتهامات للناشطين صقر الحشاش ومحمد العجمي وهما رهن الاعتقال بتهمتي المساس بالذات الأميرية والانتقاص من صلاحيات الأمير. ويقول ناشطون مثل النائب السابق عبيد الوسمي ان تهمة «المساس» باتت «تستخدمها السلطة بابتذال في استهداف خصومها وبما يسيء الى مقام الامارة»، ويستدلون على ذلك بأن السلطة وجهت اتهامات الى ناشطين ب «المساس» في «أكثر من 100 قضية خلال اقل من سنتين بينما لم يشهد ربع قرن ماضٍ سوى 15 حالة مماثلة». ويقول المعارضون ان السلطة «تجاوزت حدود المنطق» في اللجوء الى القضاء ضد المعارضة عندما باتت تتهم الناشطين بضرب عناصر القوات الخاصة خلال مهاجمة هذه القوات التظاهرات لتفريقها. وكتب ناشط ساخراً «كيف يتقدم عدد من ضباط القوات الخاصة المفتولي العضلات بشكوى ضد رجل نحيف وضئيل الجسم بأنه اعتدى عليهم بينما صورت كاميرات الاعلام كلها كيف سحلوه على الارض وضربوه بالهروات». ودفع هذا الحال المعارضة الى إنشاء ما سمته «اللجنة الوطنية للانتهاكات» طالبة من مناصريها الابلاغ عن اي اجراء يتخذ ضدهم من قبل وزارة الداخلية او النيابة العامة. وتقول إن سياسة اغراق المعارضين بالدعاوى القضائية تبدو واضحة في حالة قطب المعارضة النائب السابق مسلم البراك الذي يخضع للاتهام في 75 دعوى مختلفة أخطرها تهمة التطاول على مسند الامارة والذي تنتظره في حال ادانته عقوبات تصل الى السجن لثماني سنوات.