كهل الكرة العالميّة ديفيد بيكام يحطّ رحاله بباريس، عينه على ملعب حديقة الأمراء، وعين فيكتوريا على محلّ يطل على جادة الشانزيليزيه. يأتي ومعه ما تبقّى من وسامة توزّعتها ملاعب لندن ومدريد وميلانو ولوس أنجليس. لو تمكّن فتى الكرة الإنكليزيّة من توقيف الزّمن لما تأخّر دقيقة واحدة، فالرّجل يعرف أنّه في خريف العمر، غير أن ربيع الشهرة لم ينته بعد، إذ كلّما قالوا إنّ فلاناً علّق حذاءه، شعر هو برغبة أكبر في تأكيد حضوره ومقاومته للزمن، والبحث عمّا تبقّى من تقليعات شعر، أو تخطيطات وشم، أو ما تبتدعه المخابر من عطور، والمعامل من ملابس داخليّة. صحيح، بيكام لم يعد بذلك التوهّج في التسعينات ومطلع الألفيّة الجديدة، لكنّه يقاوم ليبقى، ويصارع ليقنع العالم أنّ طول العمر خرافة، فستانلي ماتيوز بقي لاعباً محترفاً حتى ال54 (..) وهو لم يتجاوز ال37، إذ ليس بينه وبين ميسي سوى 12 عاماً. الباريسيون يعرفون أنّهم لم يأتوا به ليكون بديلاً لإبرا أو باستوري أو أيّ واحد من هؤلاء الذين يراهنون عليهم في لعب أدوار أوروبيّة، بل لأنّهم في حاجة إلى ماركة مسجّلة لتحسين الماركتينغ في النادي الباريسي.. وهم لا يريدون من بيكام أن يسجّل أهدافاً ولكن أن يجلب جمهوراً، فدوره لن يتجاوز استقطاب الشباب الذي يرى فيه مثال الموضة والوسامة، وإن كان في باريس من هم أقدر منه على اجتذاب الآلاف كالبرازيلي لوكاس مورا الذي يحفل بملامح الرجولة الهادئة. في العالم اليوم هناك مناطق استقطاب للاعبين بحسب درجات السنّ، فاللاعبون دون ال20 يفكّرون في إسبانيا على خطى ميسي، وبعد ال20 يحبّذون الملاعب الإنكليزيّة اقتفاء لخطى كانتونا، وبعد ال25 يدقون أبواب إيطاليا قدوتهم زيدان، ودون ال30 يختارون روسيا أو تركيا وفي أذهانهم إيتو ودروغبا وروبيرتو كارلوس، وما بعد ال30 يرحلون إلى قطر أو الصّين وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. وبين ال20 وال40 يخطئ بعضهم فيذهب إلى فرنسا ومنهم بيكام الإنكليزي الهمام. ملاعب العالم كالأسواق التجاريّة، بعضها كاسد، وبعضها الآخر منتعش جدّاً، وبين هذه السوق والأخرى تكون حسابات الربح والخسارة تخضع لمنطق البورصة، مرة تصيب ومرة تخيب، ولكن المؤكّد أن المراهنات التي قالت التقارير إنها تعلّقت بنحو 700 مباراة، فيها إشارة واضحة إلى أنّ الفساد الذي يتحدّثون عنه في بيت «الفيفا»، هو أخطبوط له أكثر من ذراع، إن لم يكن في اتحادات الكرة، ففي خبايا الأندية المحترفة وارتباطاتها بقوى غامضة تأتي بلاعبين أكثر احترافاً في التلاعب بنتائج المباريات.. وبالتّالي فإنّ الجري وراء لاعب معيّن، إن لم يكن الهدف من ورائه تقديم قيمة مضافة للفريق، فإنّ هناك هدف الشهرة، أو.. التشهير. القطري ناصر الخليفي العاشق للتنس، صار حديث الفرنسيين، إذ إنّه أخرج من حالة انغلاق، إلى الضوء الأوروبي، بجلب لاعبين لم يكن الفرنسيون يشاهدونهم إلّا في التلفزيون، ومنح باريس هيبة كرويّة لم تكن تحلم بها، فأن تأتيهم بأنشيلوتي مدرّباً، وإبراهيموفيتش نجماً هدّافاً، ومورا موهبة متألّقة،.. ثم تضيف إلى المجموعة نجم المجتمع المخملي.. بيكام، تعطي باريس حالة من الإبهار في الليل والنهار. وبالتالي ليس لنا أن نسأل بكم جلب الخليفي بيكام؟ [email protected]