ضغطت على الزّر الأول، كانت القناة الأولى تبث شريطاً حول الزلازل، والقناة الثانية تبث فيلماً من بطولة بروس ويليس، والثالثة تعيد برنامجاً حول الطبخ، والرابعة تبث كليبات فاضحة لمطربة نكرة، والخامسة تقدم أخباراً عن البورصة، والسادسة تعرض حواراً مع زعيم قبلي من باكستان، والسابعة تعلن بدء مراسم زواج الأمير وليام وكاترين مدلتون.. فتوقفت لأتابع المشهد، وما أن عدت إلى القنوات السابقة حتى رأيت أنها ربطت جميعاً بالحدث، فلا تسمع شيئاً سوى زواج العصر، ورحت أتأمّل الوجوه والشخصيات المدعوة لحفلة زفاف أكبر أبناء أميرة القلوب ديانا، التي قضت في حادثة سير مروّعة رفقة المصري عماد الفايد. كان المدعوون يدخلون الكنيسة بخطى محسوبة، وبأناقة محسوبة مرتين، بينهم المطرب إلتون جون وزوجه الذكر (..) والملياردير محمد الفايد متكئاً على عكازه.. وانتظرت لعلّ من بين الحاضرين يوجد نجوم في الرياضة العالمية، فكان إلى جانب ديفيد بيكام وزوجته فيكتوريا، السير فيرغيسون والسباح الأسترالي إيان ثورب ومدرب منتخب الرّكبي كلايف وودوارد ونجم الكرة السابق تريفور بروكينغ ولاعب الرّكبي غاريث توماس.. غير أن أبرز غائبين هما ميسي ورونالدو، لم توجّه لهما الدعوة، وهما الأفضل عالمياً حالياً. فقلت في نفسي، طبعاً، لا يمكن لمنظمي الحفلة دعوة نجمين لإفساد عرس الأمير.. فالعيون ستنسى الأمير وليام وحسناءه الهادئة، وتشخص في البعوضة الأرجنتينية الخارقة، والصاروخ البرتغالي المنفلت.. أقل من 48 ساعة بين حدث مباراة الكلاسيكو الأوروبي بين الريال وبرشلونة، التي أطلق عليها مواجهة العصر، وزفاف وليام وكاترين، الذي أطلق عليه فرح العصر، لم يختلف الحدثان كثيراً، فبعض عشاق الكرة لم يناموا أياماً حتى ينتهي اللقاء بين الغريمين، وانتهى بفرح كاتالوني وحسرة مدريدية، وبعض عشاق العائلة الملكية في المملكة المتحدة لم يناموا أيضاً ليكونوا شهوداً على عرس لن يتكرر أكثر من مرة.. وبين الحدثين كانت تلفزيونات العالم، تتحدث قليلاً عن مصراتة وعدن ودرعا ومراكش، وتسهب في الحديث عن إنجازات مورينيو وتشبيهه نفسه بأينشتاين، أو رد فعل غوارديولا الذي قال إنه يضرب موعداً لأينشتاين البرتغالي في بيرنابيو ليعرف كم هي نسبية تصريحات جوزيب وإنجازات مورينيو.. ويغرق المحللون في المقارنة بين كريستيانو الذي يسعى لتكرار إنجازه الكبير في مباراة كأس الملك، وميسي الذي يراهن الخبراء على أنه بلغ سقفاً تجاوز إنجازات مارادونا وبوشكاش وحتى دي ستيفانو.. وما أن أغلق ملعب بيرنابيو أبوابه حتى فتحت كنيسة كانتربري أبوابها، لينتقل الحديث من عرس الكرة إلى عرس دون كرة، فمن يمتدح خصال كاترين ابنة عامل في مناجم الفحم، يبدي إعجاباً بميسي، ومن تشدّه بساطة الأمير وليام، يسعى لتفكيك شخصية كريستيانو.. ومن كان أنيقاً في كانتربري يشرع في اختيار ما خفّ من اللباس لموعد لن يكون بعيداً.. وعرس عمر لن يتجاوز الساعتين. المفارقة، أن غياب ميسي عن عرس إنكليزي تاريخي، يجعله حاضراً في عرس آخر طرفه الثاني إنكليزي، هو مانشستر يونايتد، بالتحفظ، لأن هناك مباراة عودة لبرشلونة مع الريال وللمان مع شالكة، وإن بدت النتيجة ترشح ميسي لمواجهة روني، وينسى الناس عرس الأميرة وابنة الشعب.. ويخرج حديث الودّ والمجاملات من كنيسة كانتربري إلى.. ملعب ويمبلي. فهل ستكون هدية ميسي للعروسين لقباً أوروبياً آخر.. أم أن لروني هديته هو الآخر لعريسي العصر؟ وبينهما تستمر أفراح هذا وإخفاقات ذاك.. ونصيحتي ألا تضغطوا كثيراً على الأزرار.. حتى لا يرتفع ضغطكم. [email protected]