يحيي لبنان و «قوى 14 آذار» اليوم الذكرى الثامنة لاغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي أطلق أزمة سياسية في لبنان وترتبت عليه تداعيات إقليمية ودولية لم يقفل الزمن الستار عليها بعد، خصوصاً أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتي أنشئت بقرار من مجلس الأمن عام 2007، مازالت تلاحق الجريمة وينتظر أن تبدأ جلسات المحاكمة فيها في 25 آذار (مارس) المقبل بناء للقرار الاتهامي الذي صدر في شأنها واتهم 4 قياديين وعناصر من «حزب الله» بالتورط فيها، إلا إذا أدت إضافة معطيات جديدة من قبل الادعاء العام قبل أيام على القرار الى تأجيل هذا الموعد. وتحيي قوى 14 آذار الذكرى في مهرجان خطابي في القاعة المقفلة في مجمع بيال، بدلاً من التجمع الشعبي السنوي الذي اعتادت إقامته للمناسبة في الأعوام السابقة، والذي حالت أجواء الانقسام السياسي الحاد في لبنان دونه هذه السنة، فضلاً عن استمرار الخلاف حول قانون الانتخابات النيابية التي يقترب استحقاقها في حزيران (يونيو) المقبل وسط مخاوف من أن يؤدي عدم التوصل الى توافق حوله الى تأجيلها، الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى تجديد إصراره على إجرائها في موعدها فأكد أنه «لن يسمح بالتمديد للمجلس النيابي الحالي»، مشيراً الى أن «المشكلة تكمن في أن الكثير من الفرقاء السياسيين يريدون هذا التمديد». وإذ يطل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، زعيم «تيار المستقبل» على المحتشدين في «بيال» لإلقاء كلمة سياسية بعد ظهر اليوم من خلال الشاشة، ومن مقر إقامته في الرياض نظراً الى اضطراره للبقاء خارج البلاد منذ ما يقارب سنتين لأسباب أمنية، فإن المناسبة هذا العام تمر في ظل سعي قيادات قوى 14 آذار التي تشكل المعارضة السياسية لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي وسياسة «حزب الله»، الى لملمة الخلافات بينها على قانون الانتخاب والتي تدور حول الصيغة الفضلى لتحقيق مطلب القوى المسيحية في المعارضة والموالاة ولضمان اختيار الناخبين المسيحيين نوابهم تكريساً لمبدأ المناصفة بينهم وبين النواب المسلمين. وتحدثت مصادر نيابية عن حصول تقارب بين قوى 14 آذار في الطروحات حول مشروع قانون الانتخاب في إطار اللجنة النيابية الفرعية، بعدما تقدم «المستقبل» بمشروع يعتمد النظام المختلط ويقضي بانتخاب 70 في المئة من النواب (100) وفق النظام الأكثري في 37 دائرة صغرى، و30 في المئة (28) وفق النظام النسبي في 6 دوائر هي المحافظات. وإذ لقي اقتراح «المستقبل» إيجابية من بعض حلفائه وعدم اعتراض من ممثل «جبهة النضال الوطني» النيابية التي يتزعمها وليد جنبلاط في اجتماع اللجنة أول من أمس، فإن ممثلي «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه العماد ميشال عون وممثل رئيس البرلمان نبيه بري النائب علي بزي، لم يعتبروا أنه يحقق الهدف. وتقدم ممثل الكتائب في اللجنة أمس النائب سامي الجميل باقتراح يقارب اقتراح «المستقبل» لكن يتناول انتخاب 60 في المئة في 36 دائرة وفق النظام الأكثري و40 في المئة على النسبي في 9 محافظات. وكان الرئيس سليمان أكد خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء أمس تمسكه بإجراء الانتخابات في موعدها استناداً الى التمسك بمشروع الحكومة المرسل الى المجلس النيابي الذي عارضته أكثرية نيابية لأنه يقوم على النسبية في 13 دائرة انتخابية، وقال إن «المشكلة ليست في اعتماد أو عدم اعتماد قانون الستين للانتخاب (الذي تعارضه قوى 8 آذار والعماد ميشال عون بل تكمن في أن العديد من الأفرقاء يريدون التمديد للمجلس النيابي الحالي، بما يوحي بأنه إذا لم يتم التوافق على قانون الانتخاب لا بد من إجراء الانتخابات على أساس القانون الحالي». وكان سليمان من باب إصراره على إجراءات حصول الانتخابات في موعدها، طلب تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات إلا أن وزراء «التيار الوطني» و «حزب الله» وحركة «أمل» رفضوا ذلك بذريعة أنها محاولة لتكريس القانون الحالي فيما كانت حجة الرئيس هي اتخاذ كل الإجراءات القانونية لإجراء الانتخابات في موعدها. وتقرر في جلسة أمس إحالة موضوع تشكيل الهيئة الى هيئة الاستشارات العليا القضائية لأخذ رأيها. واعتبرت مصادر وزارية أن تلميح سليمان الى أفرقاء يريدون التمديد للبرلمان بدل إجراء الانتخابات في موعدها يقصد به القوى السياسية التي عارضت طلبه تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات.