لم يكن التصفيق الحار للمطربَين، المصرية غادة رجب والأردني أيمن تيسير، إلا شغفاً عبّر عنه جمهور الأوبرا السلطانية بمسقط، إذ استعاد الطرب الأصيل على وقع روائع محمد عبدالوهاب مع تنويعات من قبيل مقطوعة للموسيقار محمد الموجي وأخريين لمحمد فوزي «شحّات الغرام» وبليغ حمدي «حبايبنا دبنا». فيما تسيّد موسيقار الأجيال بقية برنامج الحفلة بصوتين فتيين قدما أغنياته بأداء جعل الجمهور في حالة وجد تجلت أكثر ما تجلت مع أغنية عبدالحليم حافظ «رسالة من تحت الماء». وخرجت غادة على جدول الأمسية لتقدم أغنية شادية «يا حبيبتي يا مصر» التي ألهبت أكفّ الحضور، خصوصاً المصري منه، مهدية الأغنية إلى وطنها الذي يعاني اضطرابات مقلقة. وتولى قيادة الفرقة في هذه الأغنية والد غادة رجب الذي حلّ موقتاً محل المايسترو الأردني هيثم سكرية. استمع عشاق الطرب الأصيل لأغاني «أيام زمان» التي أرادتها دار الأوبرا عنواناً لإحياء ذكرى عبدالوهاب ومحمد فوزي، فجاءت البداية مع «أمل حياتي» لأم كلثوم (ألحان عبد الوهاب) بصوت غادة رجب، و «أحب عيشة الحرية» وديالوغ «يا دي النعيم» من كلمات أحمد رامي، و «في يوم وليلة» من كلمات حسين السيد و «في الليل لما خلي» من كلمات أحمد شوقي. وفي الجزء الثاني من الأمسية استمع الحضور إلى «يا ورد مين يشتريك» و «محلا الحبيب» و «عندما يأتي المساء» و «رسالة من تحت الماء» وديالوغ «اللي فت المال والجاه»، وسط حالة من الشجن عاشها المستمعون مع غادة وأيمن في واحدة من الأمسيات التي استقطبت جمهوراً كبيراً. يذكر أن الفنانة غادة رجب عُرفت بتقديم الأغاني الكلاسيكية، وبدأت مشوارها الغنائي باكراً في سن التاسعة، حينما أدت رائعة أم كلثوم «الرضا والنور» في أحد أهم مسارح القاهرة، «مسرح سيد درويش». وأعجب عبد الوهاب بصوتها وسمح لها بغناء أغنيته الشهيرة «القمح» في «مهرجان القمح»، الذي سحرت فيه الجمهور بنضجها الفني. أما الفنان أيمن تيسير، فقد دفعه افتتانه بالغناء الكلاسيكي إلى تكريس كل جهوده لإحياء تراث الموسيقى العربية الخالدة، وبذل مواهبه ودراساته الأكاديمية لتحقيق هذه المهمة. وأصدر أيمن أسطوانات عديدة بين أغنيات كلاسيكية ووطنية، ويعمل على تبني المواهب الجديدة في كل أشكال الفنون، من خلال مشروع «بيت الموسيقى» الذي كان حلماً تحقق أخيراً العام 2011 فأصبح أكاديمية متكاملة.