بعد يوم فقط على اتهام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، عائلة رئيس مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني بالفساد، تلقى نجاد صفعة مدوية، إذ اعتقلت السلطات المدعي العام السابق لطهران سعيد مرتضوي، وهو من الحلقة الضيقة للرئيس الإيراني ومصدر توتر دائم في علاقته مع البرلمان. وأعلن المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي «اعتقال سعيد مرتضوي مساء الاثنين»، من دون ذكر السبب. وأفادت وكالة أنباء «فارس» بأن مرتضوي أوقف لدى مغادرته مكتبه، وأُودع فوراً سجن إيفين في شمال طهران. وقدّمت «فارس» تفسيرين لاعتقال مرتضوي، أولهما اتهامه باختلاس أموال عامة، والثاني تورطه بوفاة ثلاثة متظاهرين احتُجزوا في معتقل «كهريزاك» خلال الاضطرابات التي أعقبت انتخابات الرئاسة العام 2009. لكن وكالة أنباء «شهر» نقلت عن عضو سابق في المحكمة العليا، إن مرتضوي اعتُقل بسبب شريط صوتي (بُثّت لاحقاً نسخة مصورة منه)، عرضه نجاد أمام البرلمان الأحد، وأظهر فاضل لاريجاني، شقيق علي لاريجاني ورئيس القضاء صادق لاريجاني، يطلب رشوة من مرتضوي، في مقابل نيل الأخير مساندة الشقيقين لاريجاني في الاتهامات الموجهة إليه. ولقب مرتضوي الذي يرأس الآن صندوق الضمان الاجتماعي، ب «سفاح الصحافة»، لدوره خلال ولاية الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، في إغلاق 120 صحيفة إصلاحية واعتقال عشرات الصحافيين، كما اتُهم بالتورط بوفاة المصورة الصحافية الكندية - الإيرانية زهرة كاظمي في سجن إيفين العام 2003. ووصفت منظمة «هيومن رايتس ووتش» مرتضوي بأنه «منتهك عتيد لحقوق الإنسان»، إذ أدى دوراً رئيساً في إسكات المعارضة، خلال تظاهرات 2009. وعُزل مرتضوي من منصبه القضائي، بعدما حمّله تحقيق أعدّه البرلمان، مسؤولية وفاة المتظاهرين الثلاثة في «كهريزاك»، بسبب تعذيبهم. لكن نجاد عيّنه رئيساً لصندوق الضمان الاجتماعي، متجاهلاً اعتراضات نواب، ما أدى الأحد الماضي إلى عزل وزير العمل عبدالرضا شيخ الإسلامي في البرلمان، لرفضه إقالة مرتضوي. ويُستبعد أن يكون اعتقال مرتضوي مرتبطاً بقضية «كهريزاك»، إذ أن 42 شهراً مرّ على ذلك، في مقابل 36 ساعة فقط للهزة التي أثارها نجاد أمام البرلمان الأحد، بعرضه الشريط الصوتي للقاء فاضل لاريجاني ومرتضوي. ورفع فاضل لاريجاني دعوى ضد نجاد ومرتضوي، فيما نفى علي لاريجاني تورطه بالقضية. وفاضل هو رئيس الجامعة الحرة الإسلامية في شمال إيران، كما لديه شقيق آخر، هو محمد جواد لاريجاني الذي يرأس مركز حقوق الإنسان ويُعتبر مستشاراً لمرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي. وانتقد نجاد اعتقال مرتضوي، قائلاً: «لا أعلم كيف يرتكب فرد جنحة (فاضل لاريجاني)، لكن يوقف فرد آخر (مرتضوي). بدل ملاحقة المخالف، يلاحقون الذي كشف المخالفة، وهذا قبيح جداً وليس جديراً بالشعب الإيراني والقضاء». وفي إشارة إلى عائلة لاريجاني، قال نجاد: «على القضاء أن ينتمي إلى الشعب، لا إلى شركة عائلية خاصة». وأضاف لدى توجهه إلى القاهرة: «سأهتم جدياً بهذه القضية، لدى عودتي إلى طهران». وإذ رأى محللون أن اعتقال مرتضوي لم يكن ليتمّ من دون موافقة خامنئي، يرى بعضهم في ذلك ضربة استباقية لنجاد الذي كان هدد بكشف «ملفات» أخرى قد تحرج الطبقة السياسية في البلاد، قبل 5 اشهر فقط من انتخابات الرئاسة، ووسط صراع مرير مع الغرب في شأن الملف النووي الإيراني. ونقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسي غربي مقيم في طهران إن «اعتقال مرتضوي جزء من دفع ثمن ظهور الرئيس أمام البرلمان»، إذ رأى في الاتهامات التي عرضها نجاد «تجاوزاً شديداً لحقوقه». في غضون ذلك، أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية «اعتقال واستدعاء» صحافيين آخرين، اتهمتهم بالارتباط ب «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي). وكانت الوزارة اعتقلت 17 صحافياً الشهر الماضي، معتبرة أنها «ضبطت إحدى أضخم الشبكات الإعلامية العميلة لمعسكر الاستكبار».