ساد هدوء حذر مدينة طنطا في دلتا النيل بعد ليلة شهدت مواجهات واسعة النطاق بين الشرطة ومحتجين، أعقبت تشييع ناشط سياسي يتهم زملاؤه الشرطة بتعذيبه حتى الموت فيما تقول النيابة العامة انه توفي في حادث سير. وكانت اشتباكات اندلعت بين قوات الأمن ومئات المحتجين عندما حاول بعضهم اقتحام مديرية أمن الغربية، عقب تشييع جثمان عضو «التيار الشعبي» الناشط محمد الجندي في مسقط رأسه في طنطا. ورشق المحتجون مبنى مديرية الأمن بالحجارة والزجاجات الحارقة، قبل أن ترد الشرطة بإطلاق وابل من قنابل الغاز. ووقعت عمليات كر وفر بين الطرفين استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس، تمكن خلالها محتجون من إضرام النار في مدرعة تابعة للشرطة، فيما سقط خلال المواجهات عشرات الجرحى، ووقعت اشتباكات أمام قسم شرطة طنطا، قبل أن يتدخل أهالٍ شكلوا سلاسل بشرية للفصل بين الشرطة والمحتجين. ودارت مواجهات أخرى أمام مقر محافظة الغربية في قلب مدينة طنطا. وقال مدير أمن الغربية اللواء حاتم عثمان إن «الشرطة تمكنت من السيطرة على الموقف وعاد الهدوء إلى طنطا»، مؤكداً أن «القوات تعاملت بأقصى درجات ضبط النفس للحفاظ على المتظاهرين والمنشآت العامة والخاصة». وأكد أن «القوات طالبت المتظاهرين من خلال مكبرات الصوت، بعدم الاقتراب من أي مبنى لقوات الأمن أو منشأة حكومية، منعاً لاندساس العناصر الخارجة على القانون التي تحاول استغلال الموقف». لكن مصادر طبية قالت إن نحو 33 شخصاً أصيبوا في الاشتباكات، فيما قالت وزارة الداخلية في بيان إن الشرطة «تمكنت من ضبط تسعة ممن قاموا بالتعدي على القوات، وأحالتهم على النيابة التي باشرت التحقيق». وكانت وزارة الصحة أعلنت أن الجندي توفي صباح أول من أمس في مستشفى الهلال الذي أحضر إليه في ساعة متقدمة من مساء 28 الشهر الماضي بإصابات بالغة. وقالت عائلته وزملاء له إن جسده عليه آثار تعذيب واضحة. وأفيد بأن النيابة فتحت تحقيقاً لمعرفة ملابسات وفاة الجندي وأنها تنتظر تقرير تشريح جثمانه من الطب الشرعي. واستمعت نيابة قصر النيل أمس إلى أقوال سائق سيارة الإسعاف والمسعف اللذين نقلا الناشط من محيط ميدان التحرير إلى المستشفى، وأكدا أمام النيابة أنهما تلقيا مكالمة هاتفية تفيد بالعثور على مصاب ملقى في الشارع، وعلى الفور انتقلا إليه، لكنهما لم يشاهدا صدم الناشط بسيارة أو بغيرها، وإنما ما قرراه هو «أقوال سمعاها من بعض المواطنين في الشارع». وانتقل رئيس نيابة قصر النيل سمير حسن مع المسعفين لمعاينة المكان الذي عثر فيه على القتيل لتحديد الجهات التي يمكن الاستشهاد بها لسؤالها ومعرفة ما إذا كان قد تعرض إلى حادث سيارة أم لا. وكانت الرئاسة قالت في بيان أول من أمس إنها تجري اتصالات مع مكتب النائب العام «لمتابعة أسباب وفاة الجندي».