أصيب العشرات في اشتباكات بين الشرطة المصرية ومحتجين في مدينة طنطا شمالي القاهرة، عقب جنازة النشط محمد الجندي (28 عاماً)، الذي توفي متأثراً بجراح، قال أقارب له ونشطاء: إنه أصيب بها نتيجة تعذيب قوات الأمن له بعدما خطفته، لكن الشرطة قالت: إن سيارة مجهولة صدمته، وأحدثت به الإصابات المميتة. وقال شاهد عيان من "رويترز": "إن النار أُشعلت في مبنى ديوان عام محافظة الغربية في طنطا عاصمة المحافظة، كما أحرقت مدرعة تابعة للشرطة خلال الاشتباكات".
وأضاف أن "المدرعة تعطّلت؛ مما جعل المجندين يفرون منها، ليشعل المحتجون النار فيها.
وتابع أن عشرات المحتجين أصيبوا، وأحدهم أصيب بطلق خرطوش في إحدى عينيه".
وشارك آلاف الأشخاص في تشييع "الجندي" إلى مثواه الأخير بطنطا، بعد نقل جثمانه إلى المدينة التي تعيش فيها عائلته. وهتف المشيعون: "وحياة دمك يا شهيد.. ثورة تانية من جديد"، و"يسقط يسقط حكم المرشد"، مشيرين إلى محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي.
وشاركت في الجنازة عناصر ترتدي الزي الأسود المميز لمجموعة "بلاك بلوك"، التي حظرتها مصر الأسبوع الماضي.
وبعد دفن "الجندي" اشتبك مئات المشيعين مع قوات الأمن في شوارع قريبة من مبنى ديوان عام المحافظة ومبنى مديرية أمن الغربية القريب منه. ورشق المتظاهرون الشرطة بالحجارة، وردّت عليهم بقنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الصوت، قبل أن تتصاعد الاشتباكات.
وقال شاهد عيان: "إن مدرعات تابعة لقوات الأمن لاحقت متظاهرين في الشوارع، لكنها عادت مسرعة إلى نقاط تمركز قرب مبنيَيْ ديوان عام المحافظة ومديرية الأمن".
ورشق نشطاء قسماً للشرطة في المدينة أيضاً بالحجارة. وألقيت قنبلتا مولوتوف على قسم الشرطة من جانب من يعتقد أنهم أقارب لمحتجزين يسعون لتخليصهم من قبضة الشرطة.
وينتمي "الجندي" إلى التيار الشعبي الذي يقوده السياسي اليساري حمدين صباحي.
وقالت الشرطة: إن سيارة مجهولة صدمت "الجندي"، وإن سيارة إسعاف نقلته إلى المستشفى الذي توفي فيه للعلاج.
وقالت الرئاسة المصرية في بيان: إنها تجري "اتصالات مع مكتب النائب العام؛ لمتابعة الأسباب التي أدَّت إلى وفاة الناشط محمد الجندي".
وأضافت: "لا عودة لانتهاك حقوق المواطنين وحرياتهم العامة والخاصة، في ظل دولة الدستور، وبعد ثورة 25 يناير المجيدة"، التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك.
وجاءت وفاة الجندي بعدما فجرت لقطات سحل حمادة صابر (48 عاماً)، وضربه عارياً بأيدي أفراد من الشرطة أمام القصر الرئاسي مساء الجمعة- غضب المعارضة التي تقول: إن الرئيس محمد مرسي الذي انتُخب في يونيو أمر بشنِّ حملة صارمة على المحتجين، بعد عامين من الانتفاضة التي أسقطت سلفه.
ويقول ناشطون: "إن الجندي اعتقل على أطراف ميدان التحرير، بعد مشادة بينه وبين ضابط بقوات الأمن المركزي، يوم 27 يناير بعد يومين من مظاهرات حاشدة في الذكرى الثانية للانتفاضة".
وأضافوا أن "الجندي" نقل من قسم شرطة قصر النيل القريب من التحرير إلى معسكر قوات الأمن المركزي، وألقي به بعد أربعة أيام أمام مستشفى الهلال بالقاهرة، حيث مكث بالمستشفى إلى أن توفي.
وشارك "صباحي" في جنازة ل"الجندي" في القاهرة، وناشط آخر عضو في التيار الشعبي يدعى عمرو سعد، توفي متأثراً بإصابات لحقت به في اشتباكات مع قوات الأمن المركزي، أمام القصر الرئاسي يوم الجمعة.
وقال التيار الشعبي في بيان: "إن (الجندي) و(سعد) اثنان من زهرة شباب الثورة المصرية الذين استشهدوا غدراً وغيلةً في مظاهرات شعارها السلمية".
وأضاف أنه "يُحَمِّل رئيس الجمهورية ووزير الداخلية المسؤولية السياسية والجنائية عن دمائهم... ويؤكد أنه سيلاحقهما قضائياً وسياسياً، حتى الحصول على القصاص العادل".
والتيار الشعبي عضو في جبهة الإنقاذ الوطني التي تقود المعارضة، التي ينسق أعمالها السياسي البارز محمد البرادعي، الذي كتب في صفحته على "تويتر" يقول: "رسالة للنظام الغاشم: أرواحهم لن تذهب سدى. ومرة أخرى على الباغي تدور الدوائر".
ويحمل الإسلاميون جبهة الإنقاذ الوطني المسؤولية عن تنظيم المظاهرات التي يتخللها العنف، لكن الجبهة حرصت دائماً على مطالبة المتظاهرين بالاحتجاج السلمي.
ويقول مراقبون: "إن الجبهة لا تستطيع تعبئة الشارع، لكنها تحاول التعبير عنه".
وشهدت الأيام الماضية أسوأ أعمال عنف في مصر، منذ انتخاب مرسي، قتل فيها نحو 60 شخصاً.