نجحت وزارة المال الأميركية في انتزاع انتصار تاريخي في الملف الضريبي الدولي، فالاتفاق المعروف باسم «فاتكا»، أي «فورين أكاونت تاكس كومبليانس أكت»، دخل حيز التنفيذ بصيغته النهائية. ويُتوقع أن تتعاون مئات المؤسسات المالية في العالم اعتباراً من عام 2015، مع السلطات الضريبية الأميركية لإرسال معلومات مهمة عن المواطنين الأميركيين في الخارج والذين يمتلكون حسابات مصرفية غير أميركية. ويطرح خبراء أسئلة حول طبيعة هذا الاتفاق وهل سينص فقط على إرسال معطيات حول التحركات المصرفية للمواطنين الأميركيين في الخارج أم سيطاول مواطنين غير أميركيين مشتبه بهم لسبب ما. وتنظر المصارف السويسرية بحذر إلى المستجدات الآتية من الولاياتالمتحدة، وفي حال رفض أي مصرف سويسري التعاون مع السلطات الضريبية الأميركية، ستفرض الأخيرة ضريبة آلية قيمتها 30 في المئة من قيمة الرصيد المصرفي للمواطن الأميركي. يذكر أن جزءاً من المعلومات المصرفية للمواطنين الأميركيين في سويسرا موجود لدى السلطات المالية المركزية السويسرية في برن ويرسَل دورياً إلى واشنطن. وتتهم حكومة واشنطن كل مواطن أميركي يمتلك حساباً مصرفياً ذي قيمة في الخارج، بالتهرب من دفع الضرائب في موطنه، ما سيكبد كل مصرف من المصارف الكبرى في العالم، ومن ضمنها البنوك السويسرية، خسائر على شكل تعويضات للولايات المتحدة لا تقل على 100 مليون دولار سنوياً. ويرى محللون سويسريون أن نسبة التجاوب مع رغبة الأميركيين ستتفاوت بين مصرف وآخر، فعلى المصرف إبلاغ سلطات واشنطن عن كل أميركي لديه حساب مصرفي قيمته 50 ألف فرنك سويسري أو أكثر. ولتفادي العقوبات المصرفية، يمكن للمصرف إتباع سياسة المراوغة عبر مواكبة الزبون الأميركي إلى فتح حسابات لدى مصارف خارجية، خارج نطاق اتفاق «فاتكا»، وإلا سيخسر المصرف زبائنه الأميركيين ومعهم مئات ملايين الدولارات سنوياً. ويشمل اتفاق «فاتكا» حالياً 50 دولة، منها سويسرا وبريطانيا والمكسيك وإسبانيا وإرلندا والنروج والدنمارك، ولكن تطبيقه يصطدم برغبات دول أخرى، مثل ألمانيا، التي تريد الحصول على معلومات مصرفية حول الزبائن الألمان في المصارف الأميركية، ولكن هذا العائق سيُحل قريباً. أما سويسرا فهي غير مهتمة في الحصول على معلومات مصرفية عن مواطنيها في الولاياتالمتحدة. ويشير مشغلون ماليون إلى أن المصارف السويسرية ما زالت تحتاج سنة تقريباً لامتصاص الهزيمة الناجمة عن صراعها مع السلطات المالية الأميركية، ما سيكبدها نحو بليوني فرنك سنوياً، إضافة إلى هروب الزبائن الأميركيين إلى بدائل مجهولة حتى الآن للالتفاف على الاتفاق.