الحال المصرية خليط مركب من فقدان الثقة والخبرة. ارتباك وتردد أعلن عن نفسه في قرارات تبعتها تراجعات، ولّد التستر على الخطأ أخطاء أفدح، والمسؤولية أكبر ممن تولاها، هذا ما قالته الأحداث، وليس في هذا موقف ضد «الجماعة» ولا معها. من السهل الحديث عن مؤامرات، ومن غير المستغرب وجودها، هي في مثل الظرف المصري متوقعة، فكيف لم يُستعد لها؟ فشل الرئيس محمد مرسي في لمّ الشمل، كانت المرحلة تقتضي «بعد الإمساك بالسلطة»، تقديم تنازلات أكثر من السير في طريق الاستحواذ، لكنها السلطة وطعمها. ما الذي أودى بالرئيس المخلوع حسني مبارك وغيره من رؤساء من هرب أو قتل سوى عدم القدرة على تقديم تنازلات في الوقت المناسب؟ إذا فاتت اللحظة الذهبية لا تنفع التنازلات ولا يفيد قول «فهمتكم.. فهمتكم». والرئيس محمد مرسي ضحية أيضاً، تعدد الرؤوس في حزب الأغلبية واضح ومربك، هناك ازدحام وتطلعات لا تخفي طموحات، بل إن بعض المحسوبين على تيار الإسلام السياسي أو الدعوي، حتى ولو لم يكونوا من الإخوان أسهموا إعلامياً في الشحن والتخويف من هذا التيار، وصل بعضهم إلى درجة متدنية في أسلوب الخطاب ومضمونه. سحل مواطن مصري وتعريته كما ظهر في الصور علامة فارقة، ضربة موجعة تلقاها الرئيس وحزب الأغلبية، قد لا يكون مسؤولاً عنه، لكنه أكبر المتضررين، السحل والتحرش زادا من زخم وسطوة قيادة الشارع للمشهد، والفوضى على الأبواب.. لكن ما العمل؟ مصر لا تُترك لوحدها. والمتقاتلون على إدارة دفة القطار مصابون بالعمى، هم لا يرون أنه يسير إلى الهاوية الفوضوية والاقتصادية.. أيهما تتحقق أولاً؟ وفي لحظة مثل هذه تتوارى أصوات العقلاء، الانتهازية السياسية تطل برائحتها الكريهة، لذلك لا بد أن يفتح الأشقاء العرب باباً لمبادرة تلم شمل المصريين. هذا وقت العقلاء والأشقاء، أدركوا مصر. www.asuwayed.com @asuwayed