أصحاب السمو والمعالي يشكرون القيادة على تمديد خدماتهم    أمين الرياض يتفقد مشروع حدائق الملك عبدالله    استئناف الخدمة في محطات الوقود في المنطقة الجنوبية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة عشرة لسورية    Yelo يتلطخ بالبطاقات الحمراء    الأهلي يكرم 10 أساطير    ضبط (3) مواطنين في ينبع لترويجهم الإمفيتامين والحشيش    انقطاع مفاجئ للكهرباء يعطل الحياة في الجنوب لأكثر من 6 ساعات    المملكة تدخل "غينيس" للأرقام القياسية وتتوج الفائزين بكأس العالم للدرونز    دارة الملك عبدالعزيز تطلق الفيلم الوثائقي «ملوك العرب»    تأجيل موعد انطلاق لقاء الأخدود والخليج    اعتداءات واقتحامات إسرائيلية لمنازل الأسرى الفلسطينيين المحررين    آل الشيخ يلتقي رئيس وفد مملكة كمبوديا المشارك في مؤتمر آسيان الثالث    لاعب برشلونة يقترب من الإتحاد    الخارجية السودانية وصفتها ب«المجزرة البشعة».. 170 قتيلاً وجريحاً في «الفاشر»    «تنظيم الكهرباء»: اجتماع طارئ لمتابعة انقطاع الكهرباء بالمنطقة الجنوبية    جمعية كسوة الكاسي في أبو عريش تحتفي بعمال النظافة ببلدية جازان    رئيسة مجلس الوزراء الإيطالية تصل إلى جدة    المملكة تختتم مشاركتها في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي 2025    الوجبات منخفضة السعرات شرط تقديم سفر الإفطار بالحرم    آل الشيخ يلتقي رئيس وفد مملكة ماليزيا المشارك في مؤتمر آسيان الثالث    لأول مرة منذ 6 أشهر.. تراجع ثقة المستهلكين بأمريكا    روسيا: تخفيض سعر العملات أمام الروبل    "على ظهور الإبل" رحّالة بريطانيين يقطعون 500 كم داخل محمية الملك سلمان الملكية    لوران بلان يُعلن موقف كانتي وديابي من لقاء ضمك    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تُتوّج بكأس ألعاب قوى الجامعات    محافظ صامطة يدشن ليالي المحافظة الشتوية ضمن فعاليات شتاء جازان    مدير تعليم جازان يرفع التهنئة للأمير محمد بن عبد العزيز بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير المنطقة    زيلينسكي يطلب من حلفائه العمل على "صيغة" لمحادثات سلام مع روسيا    ضيوف الملك: ريادة المملكة عالميا فخر للمسلمين    250 زائرا من 18 دولة أفريقية يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    «المنافذ الجمركية» تسجل أكثر من 950 حالة ضبط خلال أسبوع    الفتح يسافر إلى الرياض لمواجهة النصر    الهند تحقق في مرض غامض أودى ب17 شخصاً    الداخلية : ضبط (22555) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    بأمسياتٍ روائيةٍ وتجارب تفاعلية.. الإعلان عن «مهرجان الدرعية للرواية»    تقلل خطر الإصابة لدى النساء.. ثورة واعدة لعلاج سرطان عنق الرحم    استمرار هطول أمطار على عدد من مناطق المملكة    ترمب يغيّر اسم خليج المكسيك    كائنات مخيفة تغزو جسد رجل !    اكتشاف قمتين أطول من إيفرست ب100 مرة !    مصر: التحقيق مع فرد أمن هدد فنانة مصرية    حورية فرغلي تستعد لتركيب «أنف اصطناعي»    غوتيريش يدين احتجاز الحوثيين لسبعة من موظفي الأمم المتحدة    الموسيقار العالمي هانز زيمر يبهر جمهور "موسم الرياض" في ليلة ابداعية..    مدرب الأهلي "ماتياس": الجميع يعمل لتدعيم صفوف الفريق    بعد «سره الباتع».. فيلم جديد يجمع رانيا التومي مع خالد يوسف    شامخات القصيد في معرض الكتاب بالقاهرة.    الربيعي تحصل على المركز الثاني في مسابقة بيبراس للمعلوماتيه    مدير عام تعليم الطائف التعليم استثمار في المستقبل وتحقيق لرؤية 2030    منح وزير الشؤون الإسلامية وشاح الطبقة الأولى للشخصية الإسلامية العالمية المؤثرة لعام 2024    نائب أمير منطقة جازان يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير المنطقة    الأمير محمد بن سلمان يُعزي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ فاضل الصباح    ترمب يلغي الحماية الأمنية عن فاوتشي: «ليحمي نفسه»    عبد العزيز بن سعد يشكر القيادة لتمديد خدمته أميراً لحائل    أمير الباحة يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته أميراً للمنطقة    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين ك"منظمة إرهابية أجنبية"    السعودية تدين وتستنكر الهجوم الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلية على مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الإسلاميون" في ميدان التجربة
نشر في الشرق يوم 02 - 02 - 2012

استفادت «الجماعات الإسلامية» من ثورات الربيع العربي، وحققت الأحزاب المنبثقة عنها نسبا عالية في الانتخابات التي يكاد يجمع المراقبون على خلوها من التزوير «الظاهر».
وليس غريباً أن تفوز هذه الأحزاب؛ فهي أكثر الأحزاب السياسية تنظيما، وأكثرها التصاقا بطبقات المجتمع. وإذا ما قصرنا القول على مصر، فلم يكن هناك حزب يقارب تلك الأحزاب في التنظيم والاستعداد للانتخابات منذ وقت مبكر، وفي الاطمئنان المطلق إلى تصويت الناس لها.
ويعترف بعض زعماء الحركات الإسلامية أنه لم يكن تصويت كثير من المواطنين المصريين لتلك الأحزاب نابعا من وعي سياسي ببرامجها الانتخابية؛ بل لثقتهم بمرشحيها الذين يعرفون أكثرهم عن قرب، وانطلاقا من عواطفهم الدينية. ومن أهم تلك الشهادات ما صرح به الدكتور كمال الهلباوي، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا سابقا، وهو من أبرز الوجوه الإخوانية، في برنامج «مصر تقرٍّر»، على قناة «الحياة» المصرية (مساء 21/ 12/ 2011م)، من أن: «الانتخابات المصرية كانت دينية. وأن المصريين صوتوا بناء على الراحة النفسية للمرشحين، وليس لمعرفتهم ببرامج الأحزاب الإسلامية، فهم لم يقرأوا برامجها ولا برامج غيرها»، و»أن الانتخابات تعبر عن طيبة الشعب المصري وسذاجته». وأضاف أن المصريين البسطاء يثقون ب»مؤذن المسجد»، لارتباطه بالدين، أكثر مما يثقون بأي ليبرالي، حتى لو كان جديرا بالثقة.
ومع أن هذه الشهادة تستهين بوعي الناخبين المصريين بصورة تعميمية، وتضفي قدرا من الشك على نزاهة الانتخابات «فعليا»، إلا أنه لابد من الاعتراف ب»الشرعية» التي اكتسبتها تلك الأحزاب عن طريق صناديق الانتخابات.
ومع هذه الثقة الشعبية العالية التي أوصلت الأحزاب الإسلامية إلى مركز الأغلبية، إلا أن بالإمكان القول بأن هذه الأحزاب تنصلت سريعا من كثير مما وعدت به الناخبين. فقد قدمت كثيرا من التنازلات عما يتوقع أن يكون في مقدمة أولوياتها. فمن التنازلات غير المتوقعة ما صرح به بعض زعمائها بأن أولوياتهم في إدارة الدولة ستتمثل في عدم التدخل في الحريات الشخصية -مهما كان وضوح مخالفتها- لما يرى كثير من الناخبين أنه مما يعرف من الإسلام بالضرورة.
وكذلك تصريحاتهم الأخرى التي تناقض بشكل حاد إيديولوجيات الحركات الإسلامية المعلنة طوال عقود فيما يخص مناوأة الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، ومقاومة «التغريب»، والتعامل مع «إسرائيل»، وتناسي مصطلح «الجهاد» الذي كان علامة فارقة في خطابها لعقود. ومن آخر تلك التصريحات اللافتة تصريح راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة التونسي، وعبد الإله بن كيران، رئيس وزراء المغرب الجديد، في ملتقى دافوس الاقتصادي، للإذاعة الإسرائيلية من قبولهما بما «يقبل به الفلسطينيون» (السفير اللبنانية، 28/1/2012م)، وهو موقف لا يختلف عن مواقف الدول العربية التي انتقدوها طويلا بسببها.
ومما يؤكد هذه التنازلات أن هذه الأحزاب تتبرأ الآن من بعض رموزها الذين كانوا يتصدرون -قبل الانتخابات- وسائل الإعلام بسبب تصريحاتهم الحدِّية عن بعض الممارسات الاجتماعية، أو العلاقة ب»إسرائيل» أو الغرب، وتصفها بأنها تصريحات فردية لا تعبر عن سياساتها، وتزيل من سجلات مجلس الأمة في أولي جلساته بعضَ العبارات العدائية للولايات المتحدة التي صدرت عن بعض نوابها، بل أبعدت بعض قيادييها سريعا عن التحدث باسمها. ومن أشهر هؤلاء عبد المنعم الشحات الذي صدرت عنه كثير من التصريحات المتطرفة قبل الانتخابات.
واستخدم قياديو هذه الأحزاب في مداخلاتهم الإعلامية خطابات لا تختلف عن خطابات التيارات والأحزاب «غير الإسلامية» فيما يخص القضايا الاقتصادية والسياسية والتعليمية والتنموية الأخرى. وهو ما جعل خطاباتهم «ليبرالية» بامتياز!
والسؤال هنا هو: بأي معنى، إذن، تكون هذه الأحزاب «إسلامية»، إن لم تكن خطابات زعمائها وبرامجها مختلفة عن برامج الأحزاب الأخرى في اللغة والفكر والأولويات والسياسات؟!
ويلجأ المدافعون عن هذه الأحزاب إلى الوعد بأنها ستحكم بالطريقة التي يحكم بها حزب الحرية والعدالة الحاكم منذ سنوات في تركيا (أليس لافتا تقليدُ الأتراكِ في اسم الحزب؟!). لكن يجب ألا يغيب عن الذهن أن الحزب التركي لم يصف سياساته الداخلية أو الخارجية بأنها «إسلامية». أما ما يتميز به فهو الطرق الحديثة الرشيدة في التخطيط للبلاد وانتهاج الطرق الناجعة لتنفيذ تلك الخطط بعيدا عن الارتجالية والفساد والفاسدين.
ومع وجوب إعطاء هذه الأحزاب فرصة للعمل إلا أنه يخشى أن تميل إلى مشابهة بعض الحركات «الإسلامية» العربية التي استولت على السلطة في بلدانها. ومن أكثر الأخطار أن تنخرط في بعض الادعاءات الغيبية التي كان بعض الإخوان المسلمين أول من بعثها في العصر الحديث وعمَّمها.
وربما يتذكر القراء الكرام ادعاءات جبهة الإنقاذ في السودان بعد أن اغتصبت السلطة في أواخر الثمانينيات الميلادية. وكان من أبرزها ادعاء نزول البركة في الإنتاج الزراعي على أيديهم! ومازلت أذكر خطيب الجمعة في مسجد سكن جامعة الملك سعود وهو يهلل، في خطب عديدة، لمعجزات ارتفاع محصول القمح بنسب مضاعفة في ظل سلطة الإنقاذيين، وغير ذلك من الكرامات!
وربما لا يكون ذلك بعيدا؛ فقد قال الدكتور محمد مرسي، رئيس «حزب الحرية والعدالة» المصري، في برنامج «بلا حدود»، قناة الجزيرة (26/ 1/ 2012م)، إن محصول القمح في مصر زاد هذه السنة بنسبة 36%، وزادت موارد أخرى بنسب قريبة من ذلك. ولم يُرجع الدكتور مرسي ذلك إلى حسن طالع «الأحزاب الإسلامية»، بل إلى حسن تدبير الموارد التي كانت تهدر في العهد السابق. لكن الخشية أن يكون هذا مقدمة للقول: «فكيف سيكون الحال تحت إدارة حزب الحرية والعدالة «المبارك»؟!
والمشكل في مصر، وفي غير مصر، ليس غياب الالتزام بالقيم الإسلامية؛ بل هو عدم الكفاءة في التخطيط والتنفيذ، وغياب حكم القانون، واستئثار الفاسدين وعديمي الكفاءة بالمال والنفوذ. وهذه هي العوائق الحقيقية التي تقف في وجه صلاح الحكم في الدول كلها الإسلامية وغير الإسلامية. ولا تغني في معالجتها الشعارات القويمة التي تستخدم لخداع الناخبين، ولا المزايدة على الآخرين بهذه الشعارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.