شدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس، على حساسية وأهمية الأيام المقبلة، في ما يتصل بالملف الكردي ومكافحة الإرهاب، وسط أنباء عن إعلان وشيك سيصدره الزعيم المعتقل ل «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان بوقف العمليات العسكرية وبدء انسحاب تدريجي لأعضائه من تركيا إلى شمال العراق. وحض أردوغان جميع المحافظين (الولاة) في البلاد على الاهتمام بالتفاصيل وعدم إتاحة أي مجال لعمليات أو نشاطات استفزازية، قد تقوّض مساعي الحكومة لإنهاء «حقبة طويلة من الإرهاب، كلّفت تركيا خلال 30 سنة أكثر من 400 بليون دولار، إضافة إلى أرواح الآلاف من المواطنين». وأضاف: «لو استثمرت هذه المبالغ في الولايات التي تعاني من الإرهاب، لكان وضعها الآن أفضل بكثير». أردوغان الذي كان يتحدث خلال الاجتماع السنوي للمحافظين، اعتبر أن صورة المحافظ (الوالي) الذي كان يمثّل القبضة الحديد للحكومة والدولة، انتهت ويجب أن تحلّ محلها صورة المحافظ الذي يشعر بهموم الناس ويكون واحداً منهم، في إشارة واضحة ومباشرة إلى المحافظات ذات الغالبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، والتي شهدت دوماً نزاعات بين الشارع الكردي والمحافظ الذي يمثّل سلطة الدولة التركية. وأكد أردوغان رفضه «تقديم أي حلول وسط للإرهابيين»، مبدياً في الوقت ذاته تصميماً على تعزيز مسيرة الديموقراطية وحكم القانون. إعلان وشيك؟ تزامنت تصريحات أردوغان مع تقرير نشرته صحيفة «صباح» المقربة من الحكومة، أفاد باقتراب موعد إعلان أوجلان وقف العمليات العسكرية لحزبه، وبدء انسحاب تدريجي لأعضائه من تركيا إلى شمال العراق، وفق خطة اتُفِق عليها مع جهاز الاستخبارات التركية. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة وجهاز الاستخبارات يعكفان الآن على تحديد أسماء الشخصيات التي ستزور أوجلان في سجنه، بعد عشرة أيام، والتي ستنقل رسالته إلى حزبه لبدء تنفيذ الانسحاب اعتباراً من آذار (مارس) المقبل، وتحديداً مع عيد «النوروز» في 21 منه. وأضافت الصحيفة أن الحكومة حريصة جداً على عدم إفشال هذا المسار، ولذلك تبدي اهتماماً باختيار الشخصيات التي ستزور أوجلان وتنقل رسالته، إذ يصر «حزب السلام والديموقراطية» الكردي على أن يحدّد الوفد الذي سيلتقي زعيم «الكردستاني» في سجن إمرالي، فيما تصرّ الحكومة على اختيار الشخصيات من بين حمائم الحزب، لا صقوره. وكان أردوغان أعطى مسلحي الحزب ضمانات بعدم تعقبهم أو اعتقالهم، أثناء الانسحاب التدريجي الذي سيتزامن مع إقرار إصلاحات سياسية في الملف الكردي. ونقلت وكالة «رويترز» عن أحد قادة الجناح العسكري ل «الكردستاني» نفيه نية مسلحي الحزب الانسحاب إلى شمال العراق، ووجود خطة في هذا الصدد، إذ اعتبر ذلك «أكاذيب» تأتي في إطار «حرب نفسية متعمدة هدفها التضليل». ودعا إلى تسهيل تواصل أوجلان مع قيادة الحزب، لتحقّق مسيرة الحوار «نتائج». لكن أوساطاً مقربة من الحكومة التركية قلّلت من أهمية التصريح، معتبرة أن ثمة من يحاول عرقلة المسيرة، كما لم تستبعد أن يشهد «الكردستاني» انشقاقات، بمساندة من دول إقليمية ترفض نزع سلاح الحزب، خصوصاً أن ثمة اتفاقاً مع أوجلان على امتناع الجناح العسكري للحزب عن الإدلاء بأي تصريحات في هذه الفترة الحرجة.