اظهرت دراسة علمية حديثة أن نصف المياه على كوكب الأرض مصدرها على الارجح سحابة تعود الى ما قبل تشكل المجموعة الشمسية، ما يعزز فرضية وجود مياه وحياة في أجرام أخرى في مجرة "درب التبانة". ونشرت هذه الدراسة في مجلة "ساينس" الأميركية، ومن شأنها أن تعيد فتح الجدل حول ما اذا كانت المياه على سطح الأرض وفي مذنبات المجموعة الشمسية مصدرها سحابة غاز وغبار تشكلت حول الشمس إثر تكونها قبل 4.6 بليون سنة، أو أن مصدرها سحابة في مجرة درب التبانة تعود الى ما قبل ذلك. واستخدم العلماء نماذج معلوماتية متطورة جداً أتاحت لهم إجراء محاكاة للبصمات الكيميائية لجزيئات المياه التي تكونت في المجموعة الشمسية، وتلك التي تشكلت قبل ذلك، وتبين لهم ان 30 الى 50 في المائة من المياه التي يستخدمها الإنسان اليوم أقدم من الشمس بنحو مليون سنة. وبما أن المياه عنصر أساسي لنشوء الحياة وتطورها بالشكل الذي نعرفه على كوكب الأرض، فان نتائج هذه الدراسة تعزز فرضية وجود حياة في أجرام أخرى من مجرة درب التبانة، وهي المجرة التي تضم مجموعتنا الشمسية. وقال البروفسور تيم هاريز من قسم الفيزياء والفلك في جامعة "اكستر" البريطانية، إن هذه الدراسة التي شارك في إعدادها "تشكل خطوة كبيرة في بحثنا عن إمكانية وجود حياة على كواكب أخرى". وأضاف أن الرأي العلمي السائد حتى الآن كان يرجح أن تكون المياه الموجودة على الأرض تعود الى بدايات تشكل المجموعة الشمسية. ويظهر تحليل جزيئات المياه التي تعود الى ما قبل نشوء الشمس ومن ثم الكواكب السيارة حولها، أن آلية تشكل النظام الشمسي ليست فريدة من نوعها في الكون، وأن وجود المياه في كواكب أخرى خارج المجموعة قد يكون أمراً رائجاً. وأوضح هاريز أن هذه الخلاصات "تعزز فرضية أن تكون بعض الكواكب خارج المجموعة الشمسية ذات ظروف وموارد مؤاتية لنشوء الحياة وتطورها". وقالت السيدور كليفز عالمة الفضاء في جامعة ميشيغن الأميركية والمشرفة على الدراسة "تقودنا هذه الخلاصات الى القول إن جزءاً من كميات المياه الموجودة في مجموعتنا الشمسية مصدرها الظروف التي أدت الى تشكل الشمس"، مضيفةً "اذا كانت الشمس تشكلت في ظروف مشابهة لظروف تشكل النجوم الأخرى، فمعنى ذلك أن المياه عنصر مشترك في تكوين كل الأنظمة الشمسية"، أي النجوم وما يسبح حول كل منها من أجرام. ووافق عالم الفضاء في جامعة ميشيغن تيد بيرغين على هذه النتائج بالقول "إن تشكل المياه من ذرات الأوكسيجين والهيدروجين هي ظاهرة حاضرة في المراحل الأولى من تشكل كل النجوم"، مضيفاً "هذه الكميات من المياه المتجمدة التي نراها في مراقباتنا الفلكية، تتشكل في درجة حرارة تزيد عشر درجات فقط عن الصفر المطلق". والصفر المطلق هو درجة الحرارة الدنيا التي يمكن أن تبلغها المادة في الكون وهي بحدود 273 درجة تحت الصفر. ويبحث العلماء عن وجود المياه في الكواكب الخارجية في إطار بحثهم عن وجود حياة في الكون خارج الأرض. ورصد العلماء حتى الآن نحو ألف كوكب صخري خارج المجموعة الشمسية في مجرة درب التبانة. ومع ترجيح هذه الدراسة الجديدة أن تكون المياه عنصراً متوافراً في كل الأنظمة الشمسية، فإن البحث عن حياة في الكون بات أمراً واعداً، وفق معدي الدراسة. والأربعاء، رصد علماء فضاء وجود بخار مياه في الغلاف الجوي لكوكب يقع خارج المجموعة الشمسية ويوازي حجمه حجم كوكب نبتون، أي أربع مرات أكبر من كوكب الأرض، في مؤشر جيد للباحثين عن إمكانية وجود حياة في أماكن أخرى من هذا الكون.