تمكن التلسكوب الفضائي الأميركي كيبلر من رصد كوكبين خارج مجموعتنا الشمسية هما الأشبه بكوكب الأرض من بين كل الأجرام المرصودة حتى اليوم، ويمكن أن يشكلا بيئتين صالحتين لقيام الحياة وتطورها، بحسب ما جاء في دراسة نشرت في مجلة ساينس الأميركية. وأطلق على هذين الكوكبين اسم «كيبلر- 62 إف»، و«كيبلر 62 اي»، وهما جزء من منظومة قوامها خمسة كواكب تدور حول شمس أطلق عليها اسم «كيبلر 62». وقال جوستان كريب المتخصص في الفيزياء الفلكية في جامعة نوتردام واحد المشرفين على هذه الدراسة «انطلاقاً مما تمكنا من رصده، أي قطر الكوكبين والمدة اللازمة لإتمام كل منهما دورته حول شمسه، فإن هذين الكوكبين هما أكثر الأجرام الفضائية المكتشفة حتى الآن تشابها مع الأرض». والكوكب «كيبلر- 62 إف» هو الأكثر تشابها مع الأرض من حيث الحجم، إذ يبلغ حجمه 1.4 مرات حجم الأرض، وهو كوكب صخري يتم دورة كاملة حول شمسه في 267 يوماً، وهو يقع في «المنطقة القابلة للحياة» حول شمسه، أي المنطقة التي تتمتع بدرجات حرارة معتدلة تسمح بوجود المياه السائلة على سطحه. أما «كيبلر-62 اي»، فيبلغ حجمه 1,6 مرات حجم الأرض، وهو يتم دورة كاملة حول شمسه في 122 يوماً، ويقع على حافة المنطقة القابلة للحياة. وتقع شمس هذين الكوكبين، التي أطلق عليها اسم كيبلر 62، على بعد 1200 سنة ضوئية من الأرض، علما أن السنة الضوئية الواحدة هي المسافة التي تقطعها سرعة الضوء خلال سنة. وتعد هذه الشمس من النجوم القزمة، إذ تبلغ كتلتها ثلثي كتلة شمسنا، ويوازي توهجها 20 في المئة من توهج شمسنا. وهذان الكوكبان هما الأبعد عن شمسهما بين الكواكب الخمسة التي تدور حولها، وهما يتلقيان إشعاعاً شمسياً يوازي ما يتلقاه كوكبا الزهرة والمريخ من شمسنا. ويدفع حجم هذين الكوكبين العلماء إلى الاعتقاد أنهما صخريان أو يتشكلان من المياه والجليد. وأشارت دراسات سابقة إلى أن الكواكب ذات الكتل التي تقل عن 1.6 مرة كتلة الأرض هي كواكب صخرية. إلى ذلك، تمكن العلماء من رصد كوكب ثالث أطلقوا عليه اسم «كيبلر-69 سي»، يدور في منطقة قابلة للحياة حول نجم مشابه لشمسنا أطلقوا عليه اسم «كيبلر 69»، لكن هذا الكوكب أكبر من الأرض ب70 في المئة، ولم يتوصل العلماء بعد إلى تحديد طبيعة تكوينه. وإذا كان العلماء ما زالوا غير قادرين حتى اليوم على معرفة ما إذا كانت الحياة موجودة على الكوكبين الصخريين، إلا أنهم يعتقدون أن بحثهم عن كوكب مشابه للأرض يدور حول نجم مشابه للشمس قد قطع أشواطاً بعيدة. ويقول جون غراند سفيلد مسؤول المهمات العلمية في وكالة الفضاء الأميركية ناسا «أن اكتشاف هذه الكواكب الصخرية في مناطق قابلة للحياة حول شمسها، يقربنا من الوقت الذي سنعثر فيه على كوكب يشبه كوكبنا»، وأضاف: «أنها مسألة وقت فقط، بعدها سنعرف ما إذا كان الكون يحتوي على كواكب متعددة مثل الأرض، أو ما إذا كنا نشكل حالة فريدة من نوعها». في آخر العام 2011، أعلنت وكالة الفضاء الأميركية اكتشاف أول كوكب خارج المجموعة الشمسية في منطقة قابلة للحياة حول نجمه، وأطلق على النجم اسم «كيبلر 22» ويبعد 600 سنة ضوئية عن الأرض، وأطلق على الكوكب اسم «كيبلر 22 بي». لكن حجمه الكبير جعل العلماء غير قادرين على تحديد تركيبته وتكوينه، إذ يبلغ قطره 2.4 مرات قطر الأرض. ويتمكن العلماء من تحديد وجود كوكب من خلال قياس انخفاض قوة الضوء الصادر عن نجم ما، عندما تمر كواكبه بينه وبين الأرض بوتيرة معينة تسمح أيضاً بتحديد مدة إتمام الدورة. وأطلقت وكالة الفضاء الأميركية التلسكوب كيبلر إلى الفضاء في العام 2009 لرصد أكثر من 100 ألف نجم تشبه شمسنا، بغية البحث عن كواكب تشبه كوكب الأرض وتكون بيئة قابلة للحياة، في مجرة درب التبانة. وقد رصد كيبلر حتى الآن 2740 كوكباً خارج المجموعة الشمسية، من بينها 122 كوكباً جرى التثبت من وجودها بواسطة تلسكوبات ومعدات فضائية أخرى. ويقول وليام بروكي المسؤول العلمي عن مهمة كيبلر «أن هذا التلسكوب يتيح لنا تجديد اكتشافاتنا في علم الفلك، ونحن نسجل تقدما ممتازاً لتحديد ما إذا كانت الكواكب المشابهة لكوكبنا تشكل أصلا أم استثناء» في مجرة درب التبانة.