تحدت مدن قناة السويس قرار الرئيس محمد مرسي بفرض حال الطوارئ وحظر التجوال لمدة شهر، بتظاهرات ليلية جابت الشوارع واعتصام في الميادين الرئيسة، فيما تمكنت قوات الجيش من السيطرة على مقاليد الأمور في بورسعيد والسويس بعدما كثفت وجودها ونشرت المكامن المتحركة وسيطرت على السجون والمنشآت الرئيسة، لكن هذا الهدوء بقي هشاً أمام غضب السكان من ارتفاع أعداد الضحايا، والشعور بالغبن من قرارات مرسي. واستمرت أمس في بورسعيد مواكب دفن الموتى، إذ خرج الآلاف لتشييع ستة قتلى جدد قضوا في مواجهات مع الشرطة أول من أمس، وتخللتها احتكاكات مع قوات الشرطة ودوي إطلاق رصاص متقطع. وحمل المشيعون النعوش فوق رؤوسهم وجابوا بها شوارع رئيسة في المدينة، مرددين هتافات ب «سقوط النظام»، ومطالبين بمحاكمة مرسي ومسؤولي الأمن في بورسعيد. واجتاحت المدينة المطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس موجة غضب عارمة عقب صدور أحكام بالإعدام بحق 21 من أبنائها على خلفية قضية «مذبحة استاد بورسعيد»، ووقعت مواجهات عنيفة بين الشرطة وغاضبين تسببت في سقوط 29 قتيلاً، وخلال تشييعهم أول من أمس تجددت المواجهات وراح ضحيتها ستة جدد، إضافة إلى أكثر من 700 مصاب. وسعى قائد الجيش الثاني الميداني المكلف تأمين بورسعيد اللواء أحمد وصفي إلى تهدئة غضب السكان، مؤكداً أن الهدف من نزول الجيش «المعاونة في استعادة الأمن والاستقرار الأمني حفاظاً على المنشآت الحيوية والمواطنين». وأشار إلى أن «قوات الجيش تسيطر على المنشآت والأماكن الحيوية في بورسعيد، والمجرى الملاحي لقناة السويس يعمل في شكل طبيعي». ودعا خلال تفقده قواته أمس أهالي بورسعيد إلى «عدم خرق حظر التجوال»، ملوحاً ب «تطبيق القانون». غير أن تهديدات وصفي لم تلقَ صدى على ما يظهر، فمع بدء حظر التجوال في التاسعة مساءً خرج مئات من الناشطين والتجار في تظاهرات جابت الشوارع ورددت هتافات رافضة لفرض الطوارئ وحظر التجوال، ما تكرر في السويس والإسماعيلية حيث دعا ناشطون إلى اعتصامات في الميادين الرئيسة. وكان مرسي أعلن خلال خطاب مساء أول من أمس فرض الطوارئ على محافظات قناة السويس الثلاث لمدة شهر وتطبيق حظر التجوال من التاسعة مساءً حتى السادسة صباحاً، لكن قررات مرسي ووجهت برفض شعبي في بورسعيد والسويس والإسماعيلية، فما إن أنهى الرئيس خطابه حتى نزل مئات في تظاهرات جابت شوارع المدن الثلاث مطالبة بإسقاطه ورافضة قراراته، التي اعتبروها «عقاباً جماعياً»، قبل أن تستقر المسيرات أمام مباني المحافظات. واعتبر سكان مدن القناة الثلاث قرارات مرسي «كيلاً بمكيالين»، خصوصاً أنها لم تمتد إلى القاهرة والإسكندرية اللتين تشهدان اشتباكات متواصلة. ودعت قوى ثورية إلى تظاهرات ليلية طوال الأسبوع الجاري حتى سقوط تلك القرارات، ملوحة بالتصعيد. في المقابل، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في مدينة السويس التي شهدت هي الأخرى سقوط عشرات القتلى والجرحى في مواجهات بين الشرطة ومحتجين خلال الأسبوع الماضي، إذ بدأت المحال التجارية تفتح أبوابها فيما انتشرت المبادرات الشعبية لمعاونة قوات الجيش على فرض الأمن في ظل انسحاب قوات الشرطة. وأفيد بأن عشرات السكان سلموا قوات الجيش أسلحة تمكنوا من جمعها من مقتحمي أقسام الشرطة، كما انتشرت لجان شعبية مساء، واستمرت التظاهرات أمام قسم شرطة عتاقة، وهو الوحيد الذي نجا من الاقتحام. وكان محتجون أشعلوا النار مساء أول من أمس في إطارات السيارات في الطريق بين مدينتي السويس والعين السخنة، ومنعوا المارة والسيارات، قبل أن تتمكن قوات الجيش من إبعادهم وفتح الطريق. وقال الناطق باسم الجيش العقيد أحمد محمد علي، إن قوات الجيش الثالث الميداني نقلت جميع السجناء الموجودين في سجن عتاقة في السويس إلى سجن آمن، «نظراً إلى التهديدات المحدقة بالسجن وفي ظل محاولات بعض الخارجين على القانون تهريب سجناء». وكشف مدير أمن السويس اللواء عادل رفعت وفاة مسجون داخل السجن بالرصاص «أثناء محاولته الصعود أعلى سطح السجن للفرار». وأشار إلى أن هناك 152 سجيناً كانوا موجودين في السجن العمومي في السويس «تم نقلهم إلى مكان آمن تحت إشراف قوات الجيش»، وأن «لجنة أمنية بدأت أمس معاينة سجن عتاقة الرئيس في السويس، وحصر التلفيات وآثار الحريق الذي لحقت به، جراء الهجوم الذي تعرض له» مساء أول من أمس.