طالب خبراء اقتصاد وأكاديميون في السعودية وزارة الاقتصاد والتخطيط بدراسة بطالة المرأة المؤهلة، خصوصاً مع ارتفاع معدلات البطالة بين الجامعيات إلى 71.3 في المئة وفق نتائج المسح للقوى العاملة في السعودية الصادر أول من أمس. وأكدوا ل «الحياة» أن «خفض نسب البطالة للسعوديات الجامعيات يتطلب قرارات سيادية تنص على التوسع في المجالات المسموح للمرأة العمل بها، خصوصاً وأن القرار 120، الصادر قبل تسع سنوات والمتعلق بالتوسع في مجالات عمل المرأة، لم يُطبق في شكل صحيح حتى اليوم». وقال رئيس «مركز ارث» للدراسات الاقتصادية خالد الحارثي ل «الحياة»: «بطالة المرأة السعودية اليوم تشكل خطراً اقتصادياً على المجتمع، خصوصاً أننا نعطل كوادر وطنية ولا نستفيد منها بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ويزيد الناتج المحلي»، مطالباً في الوقت ذاته وزارة الاقتصاد والتخطيط بالعمل على دراسة بطالة المرأة السعودية بالاشتراك مع كل الوزارات والجهات المعنية بالتوظيف والتعليم، ومنها وزارة التعليم العالي ووزارة العمل ومجالس الغرف التجارية ووزارة الداخلية بهدف تحديد الأسباب الحقيقية لتعثر عمل المرأة ووضع حلول للمشكلة. وعزا ارتفاع مستوى البطالة بين السعوديات إلى «محدودية الوظائف المطروحة للمرأة السعودية سواء في القطاع الحكومي أو الخاص»، مشيراً إلى أن «وجودها في القطاع الحكومي محصور في أقسام نسائية بسيطة تابعة للوزارات ومحدودة العدد». وشدّد على «ضرورة التوسع في الوظائف المطروحة للمرأة بحيث تستطيع العمل في أي مجال وفق الضوابط الشرعية»، وأضاف: «ما زالت الوظائف المتاحة للمرأة مختزله في مجال التعليم والطب على رغم إمكاناتها للعمل في مجالات أخرى ومتعددة». وأوضح أن «التجربة أثبتت أن المرأة قادرة على العمل في العديد من الوظائف اللوجستية، مثل الوظائف الإدارية والأرشيفية وشؤون الموظفين والمحاسبة والعلاقات العامة وغيرها من الوظائف التي تتفق مع دقتها في التنظيم وتطوير العمل والتدريب، ويمكن الاستفادة منها في الكثير من مجالات العمل الإدارية والمكتبية في القطاع الحكومي والخاص». وشدّد الحارثي على أن «جزءاً من مشكلة عدم توظيف السعوديات سببه مخرجات تعليم الفتيات لدينا، ولذلك يجب افتتاح تخصصات جديدة للفتيات داخل الجامعات تتوافق مع متطلبات سوق العمل السعودي اليوم، خصوصاً أن مخرجات التعليم لا تتناسب ووظائف القطاع الخاص». ولفت إلى «أهمية إصدار قرارات سيادية تدعم توظيف المرأة، مثل إلزام الشركات الكبرى نسب توظيف نسائية وزيادة دعم صندوق تنمية الموارد البشرية للمرأة بما يشكل دافعاً للقطاع الخاص لتوظفها واحتسابها في السعودة بواحد ونصف». ورأى أستاذ الاقتصاد في «جامعة الطائف» سالم باعجاجة أن «السبب الرئيس لارتفاع نسب البطالة بين السعوديات المؤهلات هو النظرة المجتمعية التي ترفض عمل المرأة في الكثير من المجالات». وقال ل «الحياة»: «العادات وتقاليد المجتمع ساهمت في عزلة المرأة وعدم الرغبة في الاستفادة منها كعنصر فعّال في المجتمع، ما اختزل عملها لسنوات طويلة في مجال التعليم والطب»، مشدّداً على أهمية «المساهمة في ثأنيث الوظائف في القطاعين الحكومي والخاص التي تتوافق مع طبيعة المرأة وتضمن لها الالتزام بالجوانب الشرعية». وأضاف: «يجب إعطاء المرأة فرصة أكبر للعمل في مجالات ضمن الحدود الشرعية والضوابط الإسلامية، مثل الوظائف الإدارية والمحاسبة والعلاقات العامة». ولفت إلى أهمية «إلزام القطاع الخاص، خصوصاً الشركات الكبرى، بافتتاح أقسام نسائية في إدارتها، كما أن التوسع في مجالات عمل المرأة يتطلب منحها ترخيصاً لمزاولة بعض المهن، منها المحاماة والمحاسبة والهندسة، مؤكداً أن «هكذا مكاتب نسائية تعمل في هذه المهن ضرورية هذه الأيام إذ أنها ستخدم شريحة كبيرة من المجتمع النسائي وستتيح فرص عمل للنساء بعيداً عن القطاع الحكومي وشركات القطاع الخاص». أما أستاذ الاقتصاد في «جامعة الملك عبدالعزيز» في جدة وديع كابلي فأكد ل «الحياة» أن «ارتفاع معدلات البطالة بين النساء سببه مخرجات التعليم لدينا، إذ أن الطالب أو الطالبة يكون هدفه الحصول على شهادة عليا بغض النظر عن نوعها أو مدى الاستفادة منها». وكان مسح القوى العاملة لعام 2012 الصادر عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أظهر أن قوة العمل في المملكة للفئة العمرية فوق 15 سنة بلغت 10.75 مليون شخص، أي 53.4 في المئة من عدد السكان الذين يتجاوز عمرهم 15 سنة، منهم 9.1 مليون من الذكور. وأشار إلى أن عدد العاملين بلغ 10.13 مليون شخص، أي 94.3 في المئة من الإجمالي، يمثل الذكور منهم 87 في المئة، بينما بلغ عدد العاطلين من العمل 615 ألفاً و200 شخص، 47.2 في المئة منهم من الذكور، ليبلغ المعدل الإجمالي للبطالة 5.7 في المئة.