حمّل اقتصاديون وأكاديمون القطاع الخاص مسؤولية إفشال خطط السعودة خلال السنوات الخمس الماضية، وقالوا ل«الحياة» إن القطاع الخاص أفشل جميع الخطط الحكومية للسعودة لعدم رغبته في توظيف السعوديين وتفضيل العمالة الأجنبية على السعودية. وأضافوا أن الإحصاءات الأخيرة تشير إلى ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين والسعوديات على رغم وجود برامج عدة لتوطين الوظائف في هذا القطاع، منتقدين عدم وجود نظام يجبر رجال الأعمال على إحلال السعوديين مكان الأجانب. وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة فيلالي: «تقتصر الوظائف اليوم للسعوديين على القطاع الخاص، وللأسف الشديد فإن القطاع الخاص لا يؤيد توظيف السعوديين لديه، نظراً إلى انخفاض أجور العمالة الوافدة، إضافة إلى الطاعة العمياء لرب العمل».وأضاف أن «عدم وجود نظام صارم يجبر رجال الأعمال على إحلال السعوديين مكان الأجانب أسهم في فشل البرامج الحكومية للسعودة التي اعتمدتها الدولة منذ سنوات». مشيراً إلى أن استمرار معارضة القطاع الخاص لهذه البرامج وعدم التقيّد بها سيرفعان من معدلات البطالة. وتابع قائلاً: «للأسف رجال الأعمال لدينا لا يفكرون في مصلحة الوطن ولا أبنائه، بل جل تفكيرهم ينصب على مصالحهم الخاصة بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى»، مشيراً إلى أن «المسؤولين صدموا بتصرفات رجال الأعمال وتعاملهم مع برامج السعودة، خصوصاً مع استمرار تدني نسب السعودة في غالبية منشآت هذا القطاع». وطالب بسن قوانين صارمة تلزم بتوطين الوظائف في القطاع الخاص وتفعيل قرارات السعودة. ويتفق معه أستاذ الاقتصاد في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة بقوله: «من الملاحظ عدم رغبة رجال الأعمال في توطين الوظائف في شركاتهم، على رغم وجود ضغوط من وزارة العمل لرفع نسب السعودة بها»، مشيراً إلى أن نسب الأجانب في القطاع الخاص لم تختلف كثيراً، إذ لا تزال تمثل 90 في المئة في غالبيتها، ولا تتجاوز نسب السعوديين بها 10 في المئة». وذكر باعجاجة أن الانخفاض المستمر في نسب السعودة في القطاع الخاص يعود لعدم رغبة رجال الأعمال السعوديين في توظيف أبناء بلدهم، وقال: «لا تزال لديهم نظرة قاصرة تجاه الشبان والفتيات السعوديين، والفكرة السائد أن السعوديين ليست لديهم رغبة في العمل، وهذه النظرة غير صحيحة في الوقت الراهن، ولدينا نماذج سعودية أثبتت قدرتها على العمل في القطاع الخاص». وأكد أن العامل الأجنبي لا يزال مفضلاً لدى رجال الأعمال، خصوصاً أن أجور العمالة الأجنبية أقل مما يفترض أن يتقاضاه السعودي. وعن توظيف المرأة قال: «هناك ارتفاع في نسب البطالة بين السعوديات يعود لأسباب أخرى، منها العادات والتقاليد، وعدم رغبة كثيرات في العمل المختلط، كما أن محدودية نوعية الوظائف النسائية أسهمت في ارتفاع معدلات البطالة، إذ إن قطاعات عمل المرأة لا تزال محصورة في مجالات محددة». أما مدير مركز التدريب في الشركة السعودية للخدمات المحدودة الدكتور أحمد الصعيري فأرجع ارتفاع معدلات البطالة النسائية تحديداً إلى أن الفتاة السعودية لا تغادر مكان إقامتها، ولا تقبل بالوظائف خارج مدينتها. وشدد على أن هناك وظائف للعنصر النسائي موجودة خصوصاً في المدن الصغيرة والقرى، وقال إن «تمركز الجامعات لدينا في المدن الرئيسية يرفع نسب التعليم لدى سكان هذه المدن، وفي المقابل يكون عدد الوظائف في المدينة ذاتها أقل بكثير من عدد مخرجات التعليم الجامعي، ما تسبب في ارتفاع نسب البطالة بين الفتيات». وأشار الصعيري إلى أن البطالة لدينا هي بطالة مقنعة، وقال: «القطاع الخاص اليوم يوفر فرص عمل للسعوديات، منها وظائف إدارية ومحاسبية، وهناك وظائف لا تناسب المرأة في هذا القطاع، إذ يمنعها من العمل بها العرف والعادات والتقاليد وعدم تقبل الأسرة مزاولتها مثل هذه الأعمال التي في الغالب تندرج تحت القطاعات الصناعية والمهنية». واستدرك بالقول: «السنوات القليلة الماضية شهدت توظيفاً للعنصر النسائي في بعض المصانع لدينا، بعد توفير أماكن أكثر خصوصية لهن، وهذا دفع عدداً كبيراً من الفتيات للتوظيف في المصانع وعلى خطوط الإنتاج». ولفت إلى أن وجود عاطلات من حملة شهادة الدكتوراه هو لعدم توافر فرص وظيفية لهن في المدن الرئيسية، إذ من الممكن أن تجد وظيفة مرموقة في مدينة صغيرة، وفي الغالب تعزف عن ذلك لارتباطها بمكان إقامتها أو لعدم قدرتها على الانتقال بسبب عمل زوجها.