أحيت مواقع التواصل الاجتماعي، خطابات دينية تعود إلى حُقَب زمنية مختلفة، خصوصاً «يوتيوب»، الذي كان قناة إعلامية مجانية، وجد فيها الخطاب الديني «متسعاً» له. ومن تلك الشخصيات التي رحلت عن الدنيا وما زال صوت فكرها موجوداً بين مريديهم، خطابات الشيخ عبدالحميد كشك، ومنها ما كان ممنوعاً من النشر، وأصبح بين أيدي المشاهدين الآن، ومشاهد أخرى لمحاضرات ومناظرات لعلماء ومفكرين لم يجدوا مكاناً في الإعلام التقليدي، ليكون «يوتيوب» منقذاً لإرث خطابي، وأرشيفاً خاصاً لهم. واستخدم قادة وأتباع التيار الديني المصطلحات الإلكترونية والإنترنتية الحديثة، فأصبحوا يلفظونها كلغة دارجة، بعد أن كانت «غريبة»، وتُصنف على أنها من «التشبّه بالغرب». ففي أكثر من مقابلة يلفظ شيخ ما «لقد غردت»، أو «رتوت». ويصف مستخدمي «فيسبوك»، ب«فيسبوكيين»، أو يقول: «قمت بعمل «بولوك». وغيرها من المصطلحات الحديثة المُستخدمة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ما يوحي باندماج أصحاب التيار الديني مع الحياة الإلكترونية الجديدة. ونشرت مواقع قياس المتابعة على «تويتر»، مثل موقع «كلاود»، و«تويبار»، إحصاءات أثبتت أن صفحات المشايخ والعلماء الشرعيين السعوديين تتصدر على «تويتر» قائمة أبرز الصفحات متابعة من مختلف دول العالم، وأكثرها تحقيقاً لمعدلات التجاوب والردود على التغريدات يومياً، مثل الشيوخ ناصر العمر، ومحمد العريفي، وسلمان العودة، وعائض القرني. فيما تشير بيانات مواقع رصد الداخلين في مواقع التواصل الإلكتروني، وعلى رأسها «تويتر»، إلى مدى تأثير هؤلاء في الواقع الافتراضي في الإنترنت. كما لم يعد طلب الفتوى والإجابة عنها بشكل مباشر مجدياً الآن، ما دفع المنتمين للخطاب الديني، لأن يخصصوا وقتاً كافياً ويومياً، للتواصل مع الشباب ومستخدمي التقنيات الحديثة، وفتح نقاشات ومواضيع مختلفة، وليصبحوا ضمن المجتمع الإلكتروني، ومن المفارقات الغريبة، أن مشايخ اعتنقوا فكرة تحريم التقنية، ومنها الهاتف الموبايل، باتوا من أكثر الناس استخداماً له، ما يبرز قوة وسلطة التقنية في هيمنة التيار الديني.