بعد خمس سنوات على أزمة المال العالمية، «تبقى أسواق العمل محبطة جداً»، إذ كشفت منظمة العمل الدولية، في تقرير صدر أمس، أن «معدل البطالة العالمية «تنامى عام 2012 بعدما تراجع على مدى عامين»، ولم تستبعد تسجيل «مزيد من الارتفاع هذه السنة». وأشارت إلى أن عدد العاطلين من العمل في العالم «ازداد 4.2 مليون شخص العام الماضي، ليتجاوز 197 مليوناً أي بمعدل 5.9 في المئة، استناداً إلى اتجاهات الاستخدام العالمية لهذه السنة. وأوضحت أن «25 في المئة من هذه الزيادة سُجلت في الاقتصادات المتقدمة و75 في المئة في المناطق الأخرى، نتيجة تداعيات الأزمة وتحديداً في الاقتصادات النامية في شرق آسيا وجنوبها وأفريقيا جنوب الصحراء». واعتبر المدير العام للمنظمة غاي رايدر، أن الآفاق الاقتصادية «المتقلّبة والسياسات غير الملائمة للتصدي لها ساهمت في إضعاف الطلب الإجمالي، ما عوّق الاستثمار والتوظيف». وأوضح أن ذلك أدى إلى «استمرار الركود في سوق العمل في بلدان كثيرة وإلى خفض استحداث وظائف، وزيادة مدة البطالة، حتى في بعض البلدان التي تتمتع أصلاً بمستويات بطالة متدنية وبأسواق عمل ديناميكية». وأكد أن وظائف جديدة كثيرة «تستلزم المهارات التي يفتقر إليها الباحثون عن عمل. لذا، يجب أن تكثف الحكومات الجهود الرامية إلى دعم المهارات، ونشاطات إعادة التدريب لمعالجة أوجه القصور المؤثرة تحديداً في الشباب». وأظهر تقرير المنظمة، أن «الفقر العالمي في صفوف العمّال الكادحين يواصل انخفاضه، لكن بوتيرة أبطأ من تلك السائدة قبل حدوث الأزمة. كما برزت طبقة عاملة متوسطة الدخل في البلدان الناشئة، ما ساهم في تزخيم الاقتصاد العالمي في شكل أكبر. لكن، لا يمكن أن تعوض قوتهم الشرائية حتى الساعة تباطؤ النمو في الاقتصادات المتقدمة». واستبعدت المنظمة، تسجيل «انتعاش قوي في الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط، في شكل يكفي لخفض البطالة بسرعة»، وتوقعت «زيادة عدد الباحثين عن عمل إلى أكثر من 210 ملايين في السنوات الخمس المقبلة». وعلى رغم الانتعاش المُعتدل المتوقّع في نموّ المخرجات لعام 2013 - 2014، توقعت المنظمة أن «يرتفع معدّل البطالة مرة أخرى وعدد العاطلين من العمل عالمياً بواقع 5.1 مليون هذه السنة إلى أكثر من 202 مليون، مع 3 ملايين إضافية عام 2014». وعن وضع سوق العمل، رأت المنظمة أنه «قاتم خصوصاً بالنسبة إلى الشباب في العالم، إذ يبلغ عدد العاطلين من العمل ضمن الفئة العمرية 15 - 24 عاماً، نحو 74 مليون شخص أي 12.6 في المئة». وأبدت قلقاً حيال «وجود عدد متنامٍ من الشباب الذين يواجهون خطر البطالة على المدى الطويل»، إذ لفتت إلى أن «حوالى 35 في المئة من الشباب العاطل من العمل في الاقتصادات المتقدمة موجودون خارج سوق العمل منذ 6 أشهر أو أكثر، ما أفضى إلى شعور أعداد متزايدة من الشباب بالإحباط بالتالي خروجهم من سوق العمل». ورجّحت المنظمة، «تنامي الفروق الإقليمية لجهة بطالة الشباب، وتحسّن الأوضاع السائدة في الاقتصادات المتقدمة في شكل طفيف في السنوات الخمس المقبلة، في مقابل ازدياد البطالة في صفوف الشباب في الاقتصادات الناشئة في أوروبا الشرقية وشرق آسيا وجنوب شرقها والشرق الأوسط. لذا ،شدّد رايدر على ضرورة «التوصل إلى استجابة منسقة للأزمة على مستوى صنّاع السياسات». إلى ذلك، دعا تقرير منظمة العمل الدولية، صناع السياسات إلى «معالجة ثلاث قضايا متداخلة، تتمثل في تنسيق الإجراءات لدعم الطلب الإجمالي خصوصاً من خلال الاستثمارات العامة وفي ظل الخاصة الخجولة منها، ومعالجة أوجه القصور المتنامية في سوق العمل من خلال برامج التدريب وإعادة تأهيل المهارات، وتركيز الإجراءات على بطالة الشباب». ولفت إلى «نجاح الخطط الرامية إلى ضمان استخدام مجموعات مستهدفة من الشباب أو تدريبها، في بعض البلدان الأوروبية وبكلفة مقبولة».