حرّكت مبادرة زعيمة حزب «هتنوعاه» (الحركة) الجديد تسيبي ليفني إلى اجتماع بين قادة أحزاب الوسط الثلاثة للبحث في سبل «توحيد الصفوف والبحث عن كيفية الفوز في الانتخابات المقبلة» أو من خلال تشكيل «جبهة موحدة» أو «جسم مانع» للحيلولة دون تكليف زعيم «ليكود بيتنا» بنيامين نتانياهو تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات البرلمانية في 22 الشهر الجاري، المياه الراكدة في المعركة الانتخابية التي تبدو وفقاً لكل الاستطلاعات محسومة لمصلحة المعسكر اليميني المتدين بزعامة نتانياهو. واستجابت زعيمة «العمل» شيلي يحيموفتش الى الدعوة، لكنها أرفقتها بدعوة ليفني لتحذو حذوها وتلتزم مسبقاً أنها لن تكون شريكة في حكومة بزعامة نتانياهو. وبدا زعيم الحزب الوسطي الثالث «يش عتيد» (يوجد مستقبل) يئير لبيد غير متحمس لإطلاق مثل هذا الالتزام. وقلل نتانياهو من أبعاد تشكيل أحزاب الوسط تكتلاً «بهدف إسقاط حكومة برئاستي»، وقال للإذاعة العسكرية أمس إن دعوة ليفني لجبهة وسطية موحدة «تضع الناخب أمام خيار حقيقي بين المعسكر القومي برئاستي ومعسكر اليسار، وأن لا طريق ثالثة». وأكد أن شركاءه في الائتلاف الحكومي سيكونون من يمين الخريطة السياسية (الأحزاب الدينية المتطرفة)، لكنه أضاف مستدركاً: «أنا لا ألغي أحداً، لكن آخرين ينظمون صفوفهم لإسقاطي من خلال تشكيل جسم مانع من اليسار أو بوسائل أخرى». وكرر ما قاله الأسبوع الماضي إن في وسع ليفني أن تكون وزيرة في حكومته، «لكن ليس كوزيرة للخارجية أو أن تقود العملية السياسية التي سأقودها بنفسي». وتطرق نتانياهو إلى خطاب «بار ايلان» الذي ألقاه قبل أقل من أربع سنوات وأعلن فيه قبوله «حل الدولتين»، وقال: «أكرر ما قلته، دولتان للشعبين، لكن لا يمكن مطالبتنا بالاعتراف بدولة فلسطينية من دون أن نطالب الفلسطينيين وبإصرار بأن يعترفوا بإسرائيل دولة يهودية ويعلنوا نهاية الصراع، لكنهم ليسوا مستعدين لذلك، وهنا أساس المشكلة». وعن احتمال اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، قال إن «إسرائيل مستعدة لكل الاحتمال، و «أعتقد أننا سنعرف كيف نواجهها بالشكل الصحيح». وتمنى نائبه موشي يعالون «أن يتكتل الجانب الآخر في اتجاه اليسار لأن ذلك سيبلور الفروق بيننا». ويعتمد يعالون في تمنياته حقيقة أن الشارع الإسرائيلي يشهد من مطلع الألفية الثالثة تنامي نفوذ اليمين والقطاعات الدينية والقومية المتطرفة. ليفني ويحيموفتش: نتانياهو في هستيريا وردّت ليفني على تصريحات نتانياهو بالقول «إنها تنمّ عن هستيريا من الخطوة التي بادرت إليها... مصلحته الشخصية تسبق المصلحة الوطنية التي هي مصلحتنا كلنا، وأمر الساعة يتطلب تغيير حكومة نتانياهو المتطرفة... وأنا ألمس الأمل الذي زرعته دعوتي في نفوس كثيرين لم يريدوا المشاركة في التصويت، ويرون الآن أن ثمة فرصة حقيقية للتغيير». واعتبرت أن هدف تغيير نتانياهو هو أقوى من سائر المسائل الشخصية، مضيفةً أن «من السابق لأوانه أن نتوج نتانياهو فائزاً في الانتخابات قبل إجرائها». واتفقت يحيموفتش مع ليفني في تفسير تصريحات نتانياهو، وأضافت ان نتانياهو لا يطرح أي رؤية مستقبلية للإسرائيليين عن سبل الخروج من «الجهنم الاجتماعي»، مضيفة أن «العمل» هو الخيار الأوضح أمام الناخب الإسرائيلي. وأكدت هي أيضاً أن معركة الانتخابات لم تُحسم بعد «وسنواصل السعي الى استبدال السلطة». واعتبر مراقبون دعوة ليفني إلى توحيد الجهود في مواجهة نتانياهو «متأخرة»، وذكّروها برفضها اقتراح زعيمة «العمل» بأن يذهب حزباهما إلى الانتخابات بقائمة مشتركة تشكل منافساً قوياً لتحالف «ليكود – إسرائيل بيتنا» اليميني بزعامة نتانياهو، لكنهما اختلفتا على من يقود القائمة المشتركة بسبب معركة «الأنا» بينهما. كما لا تزال ليفني ترفض أن تحذو حذو يحيموفتش بالإعلان المسبق بعدم الانضمام في كل الأحوال إلى حكومة نتانياهو، وتكتفي بالحديث عن إقامة «جبهة موحدة» أو «جسم مانع» يحاول قطع الطريق على نتانياهو لحشد غالبية من 61 مقعداً تتيح له تشكيل حكومة جديدة. الى ذلك، يشكل موقف لبيد عقبة في طريق تشكيل «جبهة ثلاثية» في وجه نتانياهو، وإن أعرب عن استعداده للمشاركة في «القمة الثلاثية»، لكنه رفض مسبقاً شرط يحيموفتش بأن تتعهد الأحزاب الوسطية الثلاثة معاً ألا تكون شريكة في الائتلاف الحكومي المقبل في حال شكله نتانياهو، مفضلاً أن تشكل الأحزاب الوسطية الثلاثة جبهة موحدة لتنضم إلى حكومة «وحدة وطنية» برئاسة نتانياهو «المتوقع سلفاً فوزه في الانتخابات»، لتحول دون قيام الأخير بتشكيل حكومة يمينية دينية متطرفة، مضيفاً أنه يرفض مبدئياً «إلغاء حزب أو شخص» مسبقاً. ويكاد معلقو الشؤون الحزبية يجمعون على أن جلّ هم لبيد هو الجلوس على كرسي وزير التربية والتعليم في الحكومة المقبلة بغض النظر عن هوية الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، لا أن يكون ضلعاً ثالثاً في مثلث المعارضة. ويبدو نتانياهو مطمئناً إلى هذا الاحتمال، وهو الاحتمال المفضل لديه، لأن لبيد مبتدئ سياسي يريد الانشغال بقضايا اجتماعية، فيما مواقفه السياسية تميل إلى اليمين. كذلك يضمن نتانياهو من خلال ضم لبيد وحزبه إلى حكومته استقرارها واعتمادها على قاعدة برلمانية واسعة من 75 مقعداً، فضلاً عن أن ضم لبيد يعينه في نفي صبغة التطرف اليميني الديني على حكومته الجديدة. لكن أيضاً حتى لو قبل لبيد بالدخول في «الجبهة الثلاثية»، فإن الأحزاب الثلاثة تحصل مجتمعةً، وفق الاستطلاعات، على 37 مقعداً وهو عدد يفوق بقليل عدد مقاعد «ليكود بيتنا»، لكنه لا يمنح تحالف الوسط حق تشكيل الحكومة المقبلة أو حتى تشكيل «جسم مانع» من 61 مقعداً لأن الأحزاب الأخرى الداعمة له، مثل «ميرتس» اليساري أو حتى الأحزاب العربية الثلاثة (على رغم أن دعمها للوسط ليس مفروغاً منه)، تشكل معاً 15 مقعداً، ما يعني أن تحالف الوسط – اليسار العرب سيحوز في أحسن الأحوال 53-55 مقعداً، فيما عدد المقاعد المتوقع أن تحصل عليه الأحزاب الدينية المتطرفة المساندة لتحالف «ليكود بيتنا» 31 مقعداً، ليصبح عدد مقاعد تكتل اليمين - المتدينين اليمين 65-67 مقعداً، وهذه غالبية مطلقة من المقاعد ال 120. وبما أن صلاحية الرئيس لدى مناقشته الأحزاب عن هوية مرشحها لتشكيل الحكومة المقبلة تنحصر في عدّ عدد المقاعد الداعمة للمرشح، فإنه سيكلف نتانياهو هذه المهمة. وتدرك يحيموفتش هذه الحسابات، لكنها تأمل في أن يؤثر إعلان مشترك لأحزاب الوسط بأنها لن تكون شريكة في حكومة نتانياهو، في الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم بعد، كما من شأنه أن يشكل زخماً جديداً في المعركة الانتخابية تستفيد منه أحزاب الوسط. كذلك ترى يحيموفتش أن تعهداً مسبقاً من أحزاب الوسط عدم الشراكة الحكومية مع نتانياهو، قد يقصر عمر حكومة يشكلها نتانياهو لقناعتها بأنه لن يكون في وسعه إدارة شؤون الدولة مع أجندة متطرفة تفرضها عليه الأحزاب الدينية. ليبرمان والشراكة في غضون ذلك، كشفت صحيفة «هآرتس» أن زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان المرشح الثاني على تحالف «ليكود بيتنا» سيفض هذا التحالف غداة الانتخابات بعد تقاسم المقاعد البرلمانية بين الحزبين، بداعي أن التحالف هو انتخابي فقط كان الهدف منه تحقيق أكبر عدد ممكن من المقاعد. ورحبت أوساط في «ليكود» بهذا النبأ واعتبرت أن ليبرمان تصرف بانتهازية مطلقة حين تحالف مع «ليكود»، وأن الأخير سيخرج خاسراً من التحالف الانتخابي لأنه لن يحقق عدد المقاعد التي كانت له في الكنيست الحالية (27). واليوم تعترف أوساط في الحزبين المتحالفين بأن التحالف سيعتبر فاشلاً في حال أصابت الاستطلاعات بأنه سيحقق 35 مقعداً فقط وليس 45 مقعداً كما برر في حينه نتانياهو وليبرمان خطوتهما المفاجئة. ويعني هذا الرقم أن الحزبين يخسران عدداً كبيراً من مقاعدهما الحالية (42). لكن مع ذلك، فإن خروج التحالف أولاً في الانتخابات يمنح زعيمه نتانياهو أفضلية في ترشيح نفسه لتشكيل الحكومة الجديدة.