«لا لعمل المرأة كاشيرة، فذلك مدعاة للاختلاط»، «لا لعمل المرأة بائعة ملابس نسائية فذلك مدعاة للانحراف»، «لا لقيادة المرأة السيارة فذلك فسق وفجور»، «لا لابتعاث المرأة فهو تغريب وانحلال أخلاقي»، «لا لرياضة المرأة، لئلا يثبن وهن عذارى»، «لا لمشاركة المرأة في الأولمبياد فذلك كفر دون كفر»، «لا لعمل المرأة طبيبة أو ممرضة ففي ذلك فتنة (والعياذ بالله)» وأخيراً وليس آخراً: «لا لعضوية المرأة في مجلس الشورى (ما زلنا في انتظار الأسباب)»! في المقابل، اسمحوا للقاصرات بالزواج، فهو ستر وضمان من «العار»، تزوجوهن مسياراً ومصيافاً وابتعاثاً، فذلك أضمن للمرأة من الانحراف، واسمحوا للرجال بالزواج «وناسة» فهو حلال، ولا بأس من خروج النساء إلى قبورهن من دون محرم، لكن احرصوا أثابكم الله من الاختلاط في القبور! بعد هذا الحوار، «أي دمعة حزن لا لا لا لا» (أكثر من «لاءات» المرأة بعاليه)، ترى بأي منطق يتحدث هؤلاء، هل هو من باب الحرص على المرأة؟ أو قد يكون من باب الخشية عليها، إذاً لماذا يتم إرخاصها والمتاجرة بها منذ طفولتها وحتى موتها؟ أو قد يكون خشية على الرجل، لكن ما ذنب المرأة في حماقات الرجل؟ أو قد يكون وهو الأقرب، من باب مناكفة المجتمع، إذاً هذا يفسر لنا الكثير، فلا يمكن للعقل أن يخالف المنطق إلا إذا شذّ، «ومن شذّ شذّ في النار»، فأن تخرج مجموعة لتحور وتؤول كل حراك وكأنه موجّه للتغريب والانحلال الخلقي والمجون ففي ذلك الكثير من علامات التعجب، لكن تلك العلامات تتساقط جميعها عندما ندرك أن ذلك أقصى ما يمكن لهم أن يبلغوه من عقل وتفكير، فنجدهم يتبنون الحريات، ومن ثم ينتزعونها من المرأة، ويستشهدون بآيات قرآنية تؤكد حقوق المرأة، لكنهم أول من يخالفها، وينتقدون الغرب لأنه يتاجر بالمرأة، لكنهم لا يجدون غضاضة في بيعها بالمجان، وأخيراً يدَّعون المثالية لكنهم على الدوام يؤكدون العكس، يرفعون أصواتهم لكن لا يسمعها الآخرون، فيعمدون إلى ارتكاب الحماقة تلو الأخرى ليتم احتجازهم أو سجنهم، سموه ما شئتم، ليوصلوا أصواتهم للآخرين، وهنا فقط يصبح لديهم آخرون يسمعون أصواتهم بحجة أنهم أبطال ضحوا بحرياتهم من أجل حرية الآخرين، فيما الآخرون آخر من يفكرون بهم. تعلق هذه الفئة بالمرأة «غرائزياً» جعلها تأكل كل حيز تفكير موجود لديهم، لتبقى هي السائدة، وهنا تخطر في بالي دعابة تتداول على نطاق واسع عن ليث اجتمع مع من يعيش في الغابة، لهدف إجراء إصلاحات وتطوير عدد من مرافقها لتعزيز الرفاه، فخرج له ضفدع وسأله: «هل ستكون هناك نساء؟ فسكت الليث وعاد للقول: سنفتتح عدداً من المنشآت لخدمة الجميع، فقال الضفدع: حسناً بعد افتتاح المنشآت هل ستكون هناك نساء؟ عض الليث على شفتيه وقال: سنفتتح مشاريع ترفيهية لخدمة الجميع، فقال الضفدع: حسناً، بعد افتتاح المشاريع الترفيهية، هل ستدخلها نساء؟ فكاد الليث أن يصاب بجلطة لكنه تغاضى ثم انفجر وقال: هناك «حيوان» أخضر ذو عينين كبيرتين سيتم طرده إذا لم يلتزم الصمت، فقال الضفدع، حسناً، طردنا التمساح، ماذا عن النساء؟! إذاً النساء حاضرات على الدوام عند صديقنا «الضفدع»، وهو نموذج لا يقتصر وجوده على الغابة فقط، بل موجود بينا، فالدعابة أبلغ نص قادر على رواية واقعنا... فهنا ليوث تعمل لتعزيز الفرد والمجتمع والمحافظة على لحمته، وتسعى للتقريب والعدل والمساواة، ونحن نطالب وما زلنا بالمزيد، لا تغريباً، ولا انحلالاً، ولا فجوراً، لكن إحقاقاً وإنصافاً، إلا أننا نفاجأ من وقت لآخر بأن هناك «ضفادع» تقفز وتسألنا «وماذا عن المرأة»! [email protected] @Saud_alrayes