توقّعت مصادر حزبية أن يقترح حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي تشكيل لجنة مستقلة لرعاية الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في المغرب. ونُقل القول عن قيادي في الأمانة العامة أن حزبه «متمسك بموقفه السابق» لجهة تشكيل هذه اللجنة، في إطار فتح حوار حول صلاحياتها القانونية والإدارية واحتمال دعوة مراقبين دوليين لرصد الأجواء التي ستدور فيها المنافسات حول انتخابات البلديات ونظام الجهات ومجلس المستشارين. وقال القيادي عبدالحق العربي المكلف ملف الانتخابات إن الحوار سيبدأ بين مكوّنات الائتلاف الحكومي الراهن والانفتاح على أحزاب المعارضة وإشراك فاعليات المجتمع المدني. ويأتي التداول في خطة تشكيل لجنة مستقلة عقب ارتفاع أصوات نادت بإشراف القضاة على كافة مراحل الاستحقاقات، فيما قدمت كتلة «العدالة والتنمية» في مجلس النواب اقتراح قانون يهدف إلى الإفساح في المجال أمام مشاركة مراقبين أجانب في الإشراف على نزاهة الانتخابات، ما يفيد بتوقع صيف ساخن في حال تقرر إجراء انتخابات البلديات في موعدها المعتاد صيفاً. بيد أن الدعوة تزامنت واستمرار انتقادات الحزب الإسلامي الحاكم الأجواء التي جرت فيها انتخابات بلديات عام 2009 التي حاز فيها حزب «الأصالة والمعاصرة» على الصدارة. وفي مقابل ذلك لا يملك الحزب الإسلامي على أي كتلة نيابية في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، لكن فوزه بالمرتبة الأولى في الاقتراع الاشتراعي في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2011 أهّله لقيادة الحكومة الحالية. إلى ذلك، صرّح رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران بأن قرارات اتخذتها الحكومات السابقة «جعلتنا في ورطة»، في إشارة إلى اتفاق نيسان (أبريل) بين الحكومة والمركزيات النقابية وأوضاع صناديق الإحالة على المعاش، كونها ملفات عقّدت الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية التي تطلب تنفيذ تلك الالتزامات التي يُعتقد حالياً - من وجهة نظر رسمية - أنها مكلفة لخزينة الدولة. وقال بن كيران في محاولة لتهدئة التصعيد الاجتماعي إن منطق الصراع «لم يعد مطروحاً» في العلاقة بين شركاء الحوار الاجتماعي، أي الحكومة والمركزيات النقابية والمقاولات، بخاصة وأنه سمع «كلاماً مشجعاً» من هؤلاء الشركاء لدى الاجتماع بهم مطلع الأسبوع الجاري. وأضاف أنه عندما تتفق الأطراف الثلاثة «لا شيء سيمنعنا من اتخاذ القرار، في حال كان وجيهاً». وقال بن كيران إن حكومته «جاءت لتغيير الثقافة السائدة في المجتمع» وليس فقط من أجل إصلاح منظومة المقاصة أو الإحالة على المعاش، بل إنها جاءت بهدف إقرار «الإصلاح الشامل» الذي رأى أن هناك من «يعاكسه»، من غير أن يذكر بالاسم اللوبيات التي تناهض هذا الإصلاح. ووجّه بهذا الصدد رسائل إلى الطلاب حملة الشهادات الجامعية العاطلين من العمل الذين ما فتئوا يتظاهرون للمطالبة بتشغيلهم، مفادها أنه «يتألم لأوضاعهم» لكنه لا يستطيع أن يحظر قرار منع التوظيف المباشر للإفساح في المجال أمام كافة المرشحين الشباب للتنافس على فرص العمل المتاحة. وعرض إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية الدولية، مؤكداً أن ما تصرفه الدولة يزيد بكثير على أرقام الموازنة، ما يفرض على حكومته اللجوء إلى المديونية الخارجية التي فاقت 550 بليون درهم. وفُهم من كلامه أنه سيمهّد الأجواء أمام إصلاح نظام المقاصة الذي يُعنى بدعم الدولة للمواد الاستهلاكية الأساسية، مثل الزيت والسكر والدقيق، من منطلق تقديم مساعدات إلى الفئات الفقيرة. وفي سياق متصل بتداعيات تظاهرة مراكش التي انتفض بعض سكانها ضد رفع أسعار فواتير الماء والكهرباء، أفادت مصادر أن وزارة الطاقة والمعادن التي يديرها الاستقلالي فؤاد الدويري «لم تتخذ أي قرار لجهة ترفيع هذه الأسعار» لكن هناك تقارير أعدها خبراء تتعلّق بمعاودة النظر في البرنامج الذي يربط الدولة بالمكتب المحلي للماء والكهرباء. وكان الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط حذّر من إمكان لجوء الحكومة إلى رفع أسعار الماء والكهرباء، مؤكداً أن ذلك قد يتسبب في توتر اجتماعي. بيد أن رئيس الحكومة بن كيران لم يُجب بعد عن المذكرة الانتقادية لحزب الاستقلال التي دعت إلى إجراء تعديل حكومي ومعاودة النظر في ميثاق الغالبية وتفعيل أداء الجهاز التنفيذي. وقالت مصادر قريبة إلى «العدالة والتنمية» إن طلب إجراء تعديل حكومي لا يتطلب تصعيد المواجهة والحديث عن وجود تصدع داخل الحكومة، ما يعني أن ذلك التعديل أصبح وارداً في ضوء اتفاق شركاء الائتلاف عليه، من دون أن يطاول تركيبة التحالف الذي يضم أربعة أحزاب هي العدالة والتنمية والاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.