تعهد رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران المضي قدماً في طريق إقرار إصلاحات اقتصادية واجتماعية جريئة، حتى وإن كان ذلك على حساب شعبية ونفوذ حزبه «العدالة والتنمية» انتخابياً. وقال بن كيران أمام مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) مساء أول أمس: «كلما وضعت اليد على ملف إصلاحات قطاعية ارتفعت أصوات مهادنة أو معارضة هذا الإصلاح». ورأى أن دوره كرئيس حكومة لن يخضع للتدبير المتساهل الذي يترك الملفات عالقة إلى حين حدوث أزمات عميقة يصعب علاجها، مؤكداً في عرضه لخطة إصلاح نظام الإحالة على المعاش، أن الإصلاحات إن لم تبدأ عام 2013 فإن كلفتها ستكون ذات «عواقب وخيمة» على اقتصاديات البلاد «ولن نجد يوماً ما نسدد به مستحقات المتقاعدين». واعتبر الملف ضمن أولويات حكومته التي «لن تتوانى» في إقرار إصلاحات جريئة تطاول رفع سن الإحالة على المعاش، وكذلك اقتطاعات العاملين، والبحث عن موارد جديدة. وقال موجّهاً كلامه إلى المعارضة إنه على استعداد للإصغاء لأي مقترح عملي، وإن باب مكتبه وسكنه مفتوح أمام الجميع، موضحاً أنه سيجتمع إلى الشركاء المعنيين بالملف في 23 الشهر الجاري، وأنه سيعتمد مقاربة تشاركية لا تلغي أي طرف في الموالاة أو المعارضة. وشدد على أن مسؤولياته كرئيس حكومة منتخب تفرض عليه «مصارحة الشعب» بكل الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، قائلاً إنه سيمضي قدماً في مسلسل الإصلاحات مهما كانت الظروف، مضيفاً أن ولايته التي قد تطول إلى نهايتها أو تقصر «لأن علم ذلك عند الله وحده» تحتّم عليه مباشرة الإصلاحات، أكان ذلك على صعيد قطاع الإحالة على المعاش أو معاودة النظر في نظام المقاصة أو أي أولويات ملحة لا تحتمل الانتظار. إلى ذلك خفف حزب الاستقلال، شريك بن كيران في الائتلاف الحكومي، من لهجته التصعيدية. وأفادت مصادر حزبية أن قيادة الحزب وصفت المذكرة التي وجهها الأمين العام حميد شباط إلى رئيس الحكومة يحضه فيها على إجراء تعديل حكومي ومعاودة النظر في ميثاق الغالبية، بأن هدفها كان «الارتقاء بالأداء السياسي للحكومة». وحاء في بيان اللجنة التنفيذية أن المذكرة لم تكن هدفاً في حد ذاتها. وكتبت صحيفة «العلم» التي يصدرها حزب الاستقلال، أمس، أن الجهات التي تدفع بفرضية «تفكك الغالبية الحكومية» وترى في مذكرة الحزب تملصاً من التزاماته السياسية كطرف رئيسي في التدبير الحكومة إنما «تبني قراءاتها على تأويل سطحي»، مؤكدة اعتزاز الاستقلال بمشاركته في الحكومة الحالية، وكذلك بحرصه على «إنجاح التجربة». وعاودت إلى الإذعان أن حكومة عبدالإله بن كيران «تظل حكومة استمرارية» وليس حكومة قطيعة، في إشارة إلى قيادة حزب الاستقلال الحكومة المنتهية ولايتها العام الماضي، بزعامة عباس الفاسي الأمين العام السابق للاستقلال. ولاحظت المصادر أن الجدل الذي انبثق بعد نشر مذكرة الاستقلال تفرّع إلى تيارات راديكالية تطالب بالانسحاب من الحكومة، وأخرى مهادنة تدعو إلى استمرار التزامات الحزب. وزاد في حدة هذا الجدل تزامنه وعقد المجلس الوطني للاستقلال الذي سيكون نهاية الأسبوع الجاري لمعاودة انتخاب أعضائه، في ظل حضور مناوئين للأمين العام المنتخب حميد شباط. وأفادت مصادر حزبية أن تياراً يطلق على نفسه اسم «حركة لا هوادة» التي يقودها المرشح المنافس عبدالواحد الفاسي - نجل الزعيم المؤسس ل «الاستقلال» - وجّه رسالة أسف إلى السفير المصري في الرباط عما صدر عن حميد شباط حين وصف «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي يقود الحكومة بأنه يتجه إلى «مصرنة» المغرب، أي إلى هيمنة التيار الإسلامي كما يحصل في تجربة «الإخوان المسلمين» في مصر. وتوقّعت المصادر أن يعرف المجلس الوطني ل «الاستقلال» تداعيات بهذا الصدد.