بدا أن مسيرة الحلّ التفاوضي بين الحكومة التركية والزعيم المعتقل ل «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان متواصلة، على رغم العراقيل، وبكل ما تحمله من تداعيات وردود فعل، إذ سمح الأمن التركي لمحمد أوجلان بزيارة شقيقه في سجنه في جزيرة إمرالي. وهذه الزيارة الأولى منذ الإعلان عن التوصل إلى اتفاق على «خريطة طريق» لتسوية النزاع مع «الكردستاني» وحلّ القضية الكردية سلماً. وتوقعت أوساط كردية أن يعود محمد أوجلان برسالة من شقيقه إلى الشارع التركي و«الكردستاني»، يؤكد فيها نيته النزوع إلى السلم والتخلي عن النهج المسلح إلى الأبد، وفق خطوات اتُّفق عليها سابقاً، خصوصاً أن الحكومة بدأت فعلياً تنفيذ ما تعهدت به في هذه المرحلة، إذ كشف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان عن تحسين ظروف سجن أوجلان وتأمين تلفزيون حديث له ليتابع الأخبار والقنوات الفضائية، بعدما كان يُسمح له براديو صغير فقط. كما ناقشت الحكومة تعديلات مقترحة على الدستور وقانون العقوبات لتعديل قانون الإرهاب وحصر تهمة الانتماء إلى حزب إرهابي في مَنْ يحمل السلاح فقط ويدعو إلى العنف علناً، ما قد يؤدي إلى إطلاق المئات من الأكراد المُحتجزين لاتهامهم بالانتماء إلى «الكردستاني»، بسبب مقالات أو تصريحات. شعبياً، خرجت جمعية أهالي «شهداء الجيش التركي» عن صمتها، وطالبت بتنظيم استفتاء عام في البلاد حول التفاوض مع أوجلان، مشيرة إلى رفضها ذلك. وكانت استطلاعات رأي أظهرت موافقة حوالى 50 في المئة من ناخبي الحكومة والمعارضة العلمانية اليسارية، على الحوار مع أوجلان، للتوصل إلى تسوية جذرية للقضية الكردية وإنهاء العنف. لكن رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي، مازال رافضاً لهذه المسيرة، محذراً من أن يؤدي الحوار مع «الكردستاني» إلى «نتائج لا تُحمد عقباها ولا يقبلها الشعب التركي». وتطرّق باهشلي إلى اغتيال ثلاث ناشطات كرديات في باريس، إحداهنّ مقربة جداً من أوجلان، معتبراً ذلك «نتيجة طبيعة لتصفية حسابات داخلية، أو لعلاقات تقيمها المنظمات القائمة على القتل مع أجهزة استخباراتية». وتسعى الحكومة إلى تدارك تداعيات محتملة لوصول جثامين الناشطات الكرديات الثلاث إلى مدينة دياربكر غداً، واحتمال تحوّل تشييعهم إلى تظاهرات وشغب، ما يؤثر في مسيرة الحل السلمي. وأجرت الحكومة حواراً مع أهالي الناشطات و «حزب السلام والديموقراطية» الكردي، لتفادي أي توتر خلال تشييعهنّ.