دمشق، لندن -»الحياة»، أ ف ب، رويترز - بعد يومين من اجتماع جنيف الذي هدف إلى تضييق هوة الخلافات الدولية حول سورية، تسارعت التطورات أمس وطرحت تساؤلات عن مصير مهمة المبعوث الأممي - العربي للأزمة الأخضر الإبراهيمي. ففي حين اعتبر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إن «الطريق الوحيد» المتاح لإنهاء أزمة سورية «هو فرض وقف لإطلاق النار بواسطة قوة لحفظ السلام تتشكل تطبيقا للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة»، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن استبعاد الرئيس السوري بشار الاسد عن العملية السياسية «غير وارد» في اعلان جنيف وهو على أي حال أمر «يستحيل تنفيذه». في موازة ذلك، قالت مصادر في المعارضة السورية ل «الحياة» إن المعارضة السورية تكثف اتصالاتها لتشكيل حكومة موقتة «خلال الفترة القريبة المقبلة»، وأن أبرز المرشحين لرئاستها هو رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب. وجاءت التطورات الديبلوماسية المتلاحقة مترافقة مع تصعيد ميداني، إذ واصل الطيران الحربي السوري هجماته على دمشق وضواحيها. كما قتل وجرح العشرات في قصف جوي على اعزاز في ريف حلب. وفي كلمة أمام الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزارء الخارجية العرب في القاهرة، قال العربي انه «بات واضحا أن ما طالبت به الدول العربية منذ مدة بأن يتدخل مجلس الأمن بشكل حاسم... بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة لفرض وقف إطلاق النار بقرار ملزم هو الطريق الوحيد المتاح الآن لإنهاء القتال الدائر»، موضحا أن إنهاء القتال يتيح «البدء في عملية انتقال سياسي في سورية». وأعرب العربي عن أسفه إزاء عدم اتخاذ مجلس الأمن أي إجراء لوقف العنف في سورية على الرغم من مرور عام على إحالة الجامعة العربية الملف السوري عليه. وذكر العربي إنه تشاور خلال اليومين الماضيين حول إصدار قرار يتفق مع الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والإبراهيمي. وأضاف أنه يطالب بقوة حفظ سلام «كبيرة وفعالة تضمن وقف القتال الدائر وتوفر الحماية للمدنيين الأبرياء»، مشيرا إلى أن خطاب الرئيس السوري الأخير يدل على تجاهل النظام لعمق الأزمة وتعامله معها من منظور خاطئ. ولم يأت العربي على ذكر الجهود الديبلوماسية التي يبذلها الإبراهيمي، أو اجتماع جنيف الأخير. وحاول الإبراهيمي البناء على اتفاق دولي تم التوصل إليه في جنيف في 30 حزيران (يونيو) الماضي يدعو إلى فترة انتقالية في سورية. لكن الخلافات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن الدور المستقبلي الذي يلعبه الرئيس السوري ما زالت تعوق الاتفاق. ونقلت وكالات أنباء روسية عن لافروف قوله «إن شركاءنا مقتنعون بانه من الضروري مسبقا استبعاد بشار الاسد عن العملية السياسية. انه شرط مسبق غير وارد في اعلان جنيف. كما انه يستحيل تنفيذه لانه ليس في يد احد» تنفيذه، داعيا في المقابل المعارضة السورية على تقديم افكار للحوار. واضاف لافروف: «طرح الرئيس الأسد مبادرات تهدف إلى دعوة كل افراد المعارضة للحوار. نعم... هذه المبادرات ربما لا تذهب الى مدى كاف. ربما لن تبدو جادة بالنسبة للبعض لكنها اقتراحات... لو كنت مكان المعارضة لتقدمت بأفكاري كرد بشأن كيفية اجراء حوار». إلى ذلك، وفي دلالة على الصعوبة المتزايدة في علاقات الإبراهيمي مع دمشق، شنت الصحف السورية أمس هجوما جديدا على المبعوث الدولي ووصفته بإنه «وسيط مزيف». ونقلت عن مصادر سورية قولها إن مهمته «لا جدوى منها». وأفادت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات بأن الاسد ابلغ الابراهيمي لدى لقائهما الأخير في دمشق: «لست قبطان السفينة التي عندما يشعر بأنها بدأت تهتز، يهرب منها»، موضحة أن الاسد «انهى الاجتماع الثنائي» بينهما. وكتبت «الوطن»: «بات من الواضح أن الأخضر (الابراهيمي) خارج الحل السوري وأنه طرف وليس وسيطاً وهو في جميع الأحوال غير قادر على إيجاد حل للأزمة السورية. وهذا ما اعترف به». وزادت: «الإبراهيمي تجرأ في آخر لقاء مع الرئيس الأسد ليسأل عن مسألة الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة وهو السؤال الأهم بالنسبة للإبراهيمي وللدول التي تقف خلفه، فكان رد الرئيس إن آخر ما يهمه المناصب لكن أول شيء يهمه هو رغبة الشعب ومصلحة البلد». ميدانيا، قال نشطاء في المعارضة السورية إن القوات الحكومية قتلت 26 شخصا على الأقل نصفهم من الأطفال في قصف شنته على مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة بضواحي دمشق أمس. وقالت المصادر إن حملة القصف الجوي والصاروخي والمدفعي هي الأعنف منذ أن اجتاح معارضون مسلحون قاعدة لطائرات الهليكوبتر وقاعدة صواريخ قرب دمشق قبل شهرين وهددوا المطار الدولي الرئيسي مقتربين على نحو مضطرد من العاصمة. واظهرت لقطات حملت على الانترنت طائرات هليكوبتر حكومية تشن ضربات جوية على الغوطة الشرقية ولقطات أخرى تظهر ما يعتقد أنها الاثار المترتبة على هجوم حكومي على بناية في جسرين. كما تعرضت مدينة أعزاز التابعة لمحافظة حلب، لقصف من الطائرات الحربية. وأفادت المصادر بوقوع عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى. وقال ناشطون انه تم نقل عدد من الجرحى إلى الحدود التركية، حيث نقلتهم سيارات الإسعاف إلى مستشفى «كيليس» الحكومي. وذكرت مصادر في المستشفى أن حالة عدد من الجرحى خطرة.