فيما تحفظت القوات المسلحة في مصر على قانون الانتخابات الذي يناقشه مجلس الشورى لجهة سماحه للمتهربين من تأدية الخدمة العسكرية بخوض الانتخابات بعد تسوية أوضاعهم، أعلنت المعارضة الرئيسية في مصر عن «ضمانات» قالت إنها «لازمة لنزاهة عملية الانتخابات». وأكدت في بيان أنه «من دون هذه الضمانات ستكون الانتخابات حلقة أخرى من حلقات الالتفاف على الإرادة الشعبية»، مطالبة بإدارة محايدة للعملية الانتخابية «لا يمكن تحققها في ظل الحكومة الحالية». لكن جبهة الإنقاذ المعارضة لم تحدد موقفاً واضحاً في حال لم ينفذ الحكم الضمانات التي طالبت بها، مكتفية بالقول إنها «ستتبنى البدائل المناسبة في حال غياب هذه الضمانات». وشهد اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) الذي يتولى سلطة التشريع لحين انتخاب مجلس النواب، تسجيل ممثل الجيش مساعد وزير الدفاع اللواء ممدوح شاهين اعتراضاً على السماح للمتهربين من تأدية الخدمة العسكرية بالترشح للبرلمان. وقال شاهين إن «وزارة الدفاع ترفض شكلاً وموضوعاً هذا الأمر»، مشيراً إلى أن الوزارة أرسلت بعض الملاحظات على مشروع القانون إلى وزير العدل المستشار أحمد مكي، أهمها السماح لمن تخلفوا عن التجنيد بالترشح بعد تسوية موقفهم. وعرض شاهين على أعضاء اللجنة خطاباً كانت الوزارة تلقته من الأمانة العامة للحزب الوطني المنحل أثناء الإعداد لانتخابات العام 2010 بشأن استطلاع رأي الجيش حول التماس بعض الأشخاص ممن لم يؤدوا الخدمة العسكرية السماح لهم بخوض الانتخابات. وقال: «ردت الوزارة على الحزب بأن هذا الأمر مرفوض شكلاً وموضوعاً، ولم يتم الأخذ به». وقال شاهين: «لا يجوز لمن تهرب من أداء الخدمة العسكرية أن يتبوأ هذا المنصب الرفيع»، مضيفاً: «مؤسسات مثل القضاء والخارجية تحظر تعيين أي فرد ممن حكم عليه في جريمة مخلة بالشرف حتى لو كان رد إليه اعتباره ومن الأولى أن يسري هذا الأمر على مرشحي البرلمان». لكن رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية في مجلس الشورى القيادي في جماعة الإخوان محمد طوسون عرض على شاهين خطاباً من إدارة التجنيد التابعة للقوات المسلحة يقول إن «جريمة التخلف عن التجنيد ليست من الجرائم المخلة بالشرف»، فشكك شاهين في ما ورد فيه، وقال: «هذا الأمر غير صحيح، الدفاع عن أرض الوطن شرف وواجب والتجنيد إجباري». وأوضح أن المتهرب من تأدية الخدمة العسكرية «يستطيع أن يختفي حتى سن الثلاثين ويسدد الغرامة المالية، وهؤلاء لا يجوز لهم الترشح للبرلمان، ولو سمحنا لهم سنكون وضعنا أنفسنا في مأزق كبير، خصوصاً أننا سنظهر وكأننا كافأنا المتخلف عن الخدمة العسكرية». وكانت اللجنة وافقت أول من أمس على حق المتهربين من التجنيد في الترشح للبرلمان بعد سداد الغرامة المالية ومرور عشر سنوات على صدور الحكم. وتضغط قوى إسلامية لتمرير هذا النص بسبب عدم تمكن قيادات بارزة فيها من تأدية الخدمة العسكرية لاعتقالهم في سنوات شبابهم، وللخروج من هذا المأزق اقترحت وزارة الدفاع ممثلة في اللواء ممدوح شاهين أن يتم النص في قانون الانتخابات على «استثناء المعتقل من شرط أداء الخدمة العسكرية... هذا النص سيريح الجميع، يجب تضمين شروط الترشح للانتخابات أن يكون المرشح أدى الخدمة العسكرية أو أعفي أو استثني منها» في إشارة إلى المعتقلين السياسيين. ورد رئيس اللجنة القيادي في جماعة الإخوان محمد طوسون، بأنه سيتم عرض رؤية وزارة الدفاع على الجلسة العامة للمجلس ليتخذ ما يراه بشأنها. من جهة أخرى، طالبت جبهة الإنقاذ التي تضم قوى المعارضة الرئيسية في مصر بتشكيل «حكومة محايدة في موعد لا يتجاوز صدور القرار الخاص بتحديد موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة». وقالت الجبهة في بيان أمس إنها ستحتشد يوم 25 كانون الثاني (يناير) الجاري تأكيداً لسعيها إلى استمرار الثورة من خلال صناديق الانتخابات «إذا توافرت ضمانات نزاهتها وحيادها»، موضحة أنها مستعدة في الوقت نفسه لتبني البدائل المناسبة في حال غياب 11 ضمانة طالبت بتوفيرها، وهي: الإشراف القضائي الكامل وفق مبدأ قاض لكل صندوق، وإجراء الانتخابات على يومين متتاليين بشرط ألا يزيد عدد الناخبين في كل صندوق على 750 ناخباً، وإجراء عملية الفرز وإعلان النتائج للمرشحين على القوائم والمقاعد الفردية داخل اللجان الفرعية بحضور مندوبي المرشحين ومنظمات المجتمع المدني والإعلام على أن يوقّع القاضي رئيس اللجنة على محضر الفرز ويسلم نسخة رسمية منه لكل مندوب، وألا يجوز أن تحتكر القائمة الحاصلة على أكبر عدد من المقاعد جميع الأصوات الفائضة من القوائم التي لن تتجاوز العتبة الانتخابية (النصاب اللازم للتمثيل) وضرورة توزيع هذه الأصوات وفقاً للنسبة التي حصلت عليها كل قائمة، ووضع ختم لجنة الانتخابات على بطاقات الاقتراع قبل تسليمها، وتفعيل دور وصلاحيات منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية في الرقابة على الانتخابات، وتجريم استخدام دُور العبادة في الدعاية الانتخابية، وحظر خلط الدين بالسياسة، ووضع حدود قصوى صارمة للإنفاق الانتخابي وتجريم تجاوزها، وتنظيم تمثيل المرأة في القوائم بحيث تكون هناك مرشحة من بين كل ثلاثة مرشحين متتابعين، وتوسيع صلاحيات اللجنة العليا للانتخابات لتكون مسؤولة عن العملية الانتخابية بأكملها، وأن يكون مندوب القائمة أو المرشح الفردي مقيداً في اللجنة العامة، ولا يشترط أن يكون مقيداً في اللجنة الفرعية. وقالت جبهة الإنقاذ الوطني إنه من دون هذه الضمانات «ستكون الانتخابات حلقة أخرى من حلقات الالتفاف على الإرادة الشعبية من خلال سياسة الأمر الواقع التي تفرضها سلطة ثبت عجزها عن حل أي من مشاكل البلاد، وافتقادها أي مشروع أو حتى خطة قصيرة المدى لوقف التدهور السياسي والاقتصادي المستمر»، مضيفة: «نتمسك بضمانات نزاهة وحياد الانتخابات، ونصر على إدارة محايدة للعملية الانتخابية لا يمكن تحققها في ظل الحكومة الحالية». وسألت «الحياة» القيادي في الجبهة الدكتور وحيد عبدالمجيد عما إذا كانت ستقاطع الاقتراع في حال عدم توافر هذه الضمانات، فأجاب: «الجبهة قررت حقها في تبني البدائل المناسبة، وستبحث الأمر في حينه».