تعيش الهيئات العليا لأغلب الأحزاب السياسية في الجزائر على وقع معارك صامتة حول الترشح للاستحقاق التشريعي المقبل، وذلك على خلفية الصراع حول من يتصدر القائمة الانتخابية في كل ولاية، ولم تسلم حتى الأحزاب الإسلامية من ذلك رغم كونها معروفة بالانضباط الحزبي. ويعتبر حزب جبهة التحرير الوطني أكثر الأحزاب التي تعيش على وقع هذه الأزمة، حيث قرر تأجيل حسم قوائمه الانتخابية حتى 25 مارس الجاري قبل يوم واحد من موعد بدء تقديم القوائم الانتخابية إلى مصالح الداخلية الجزائرية لدراستها. وأفادت مصادر “الشرق” داخل حزب الأغلبية البرلمانية أن سبب هذه الصراعات تقدم عدد من الوزراء وحتى النواب الحاليين للترشح في الولايات، مما اصطدم برغبة ناشطي الحزب في الدوائر والمحافظات في الترشح للبرلمان المقبل. في السياق ذاته، أوضح بيان للحزب أن نحو أربعة آلاف ناشط في جبهة التحرير أعلنوا عن رغبتهم في الترشح للبرلمان المقبل الذي يتشكل من 462 مقعدا فقط، ولذلك تم تعيين لجنة على مستوى الحزب العريق لدراسة الملفات على ثلاث مراحل، تبدأ بغربلة الملفات وتدقيق مدى مطابقتها للشروط التي حددها الحزب، ثم التدقيق في المسار النضالي للمرشح وحتى الأكاديمي وأخيرا مدى قبول المترشح وقدرته التنافسية أمام بقية مرشحي الأحزاب الأخرى. وبعيدا عن الأضواء، يعمل حزب التجمع الوطني الديمقراطي على إعداد قوائمه الانتخابية، ليس بعيدا عن المشكلات التي يعاني منها غريمه الجبهة، ولكن بنوع من التوافق الحزبي بحكم سيطرة قائد الحزب أحمد أويحيى على زمام الأمور. ويسعى عدد من الوزراء إلى العودة من جديد تحت قبة البرلمان، كما أصبح الأمر يستهوي العديد من الشخصيات السياسية وحتى رجال الأعمال، الذين فرضوا منطقهم على بعض الأحزاب خاصة الصغيرة منها، بشراء قوائم انتخابية، وكانت الداخلية الجزائرية هددت كل من يستخدم المال السياسي باتخاذ إجراءات ردعية. وعلى صعيد الإسلاميين، يبدو الأمر مختلفا عن الدورات السابقة، حيث يحتدم التنافس بين بعض الوجوه في الأحزاب الإسلامية، وإن حسمت أحزاب “التحالف الإسلامي” أمرها بتقديم قوائم موحدة بتوزيع الترتيب بين حركة مجتمع السلم والنهضة والإصلاح الوطني بعد اتفاقهم على مبادرة التحالف الإسلامي. لكن ذلك لا يعني أن هذا الاتفاق على مستوى قيادات أركان هذه الأحزاب سيلقى نفس القبول أو الترحيب على المستوى الأدنى بحكم رغبة أوساط عريضة من أعضاء هذه الأحزاب في الترشح. بدوره، قال قيادي بارز في حركة مجتمع السلم: “قدمنا تنازلات كبيرة في سبيل تحقيق تحالف الإسلاميين”، في إشارة إلى أن اتفاق هذه الأحزاب الثلاثة كان على حساب رغبات إطاراتهم الحزبية، وهو ما دفع على الأقل جبهة التغيير التي تأسست مؤخرا لرفض الالتحاق بتحالف الأحزاب الإسلامية الثلاثة على خلفية أن هذه الأخيرة “حرصت على اقتسام ريع الانتخابات قبل أن يولد التحالف بشكل رسمي، ما يعني إقصاء غيرها”، حسب تصريح رئيس الجبهة عبد المجيد مناصرة، والذي اعتبر أن النظرة الحزبية هي المهيمنة على مشروع التحالف وليس لم شمل التيار الإسلامي. وعلى مستوى جبهة العدالة والتنمية، صرح القيادي البارز في الجبهة الخضر بن خلاف أن الأخيرة نصّبت الأسبوع الماضي اللجنة الوطنية للتحضير للانتخابات وتعمل على تنصيب اللجان الولائية، لإعداد القوائم الانتخابية ومن ثم رفعها للقيادة الوطنية قبل 15 مارس الجاري للنظر فيها، ونفى، في تصريح ل “الشرق”، أية صعوبات أو مشكلات تعترض الحزب باستثناء قصر المدة الزمنية أمام حزبه المعتمد قبل أيام للحسم في الكثير من القضايا قبل الدخول إلى الانتخابات المقرر أن تبدأ في 10 مايو المقبل.