يعتقد المواطن المصري بعد الثورة أن حقه صار مكفولاً في الحصول على الدواء، لكنه يصطدم برغبة شركات الدواء في تعويض خسائرها الفادحة، في حين يواجه الشعب خيار الموت نتيجة البرد القارس في ظل قلة الموارد الغذائية، أو بسبب غياب عقاقير الإنفلونزا السنوية. أما الحكومة فتدعي أنها توفر أسس حياته وأن ما يغيب منها يعتبر استثناء. وسط هذا الجو من الأمراض الموسمية، يُفاجأ المواطن بشركات الدواء الحكومية تسحب العقاقير المناسبة بهدف زيادة الطلب وبالتالي رفع الأسعار. وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والأوضاع السياسية المتأزمة أصبح السلب سمات المرحلة، فتلجأ الشركات الحكومية، خصوصاً شركات الأدوية، إلى تعويض خسائرها. وما يثير الدهشة والجدل هي الوقفات الاحتجاجية المتكررة المنددة بغلاء الأسعار وارتفاع فواتير الكهرباء والمياه على شركات الدواء والمصانع التابعة لها، بينما كانت شعاراتها لا لغلاء المواد الخام التي هي عنصر أساس في الصناعة الدوائية، وهي شعارات رفعها خبراء الصناعة بهدف إنقاذ حق كل مواطن فقير غير قادر على تأمين العلاج، في حين أن شكواهم مستمرة من الخسارة التي يتعرضون لها للحفاظ على حق المواطن في الحصول على الدواء. «الشركة القابضة» ورفعت «الشركة القابضة للأدوية» والشركات التابعة أسعار 30 صنفاً من الدواء، في إطار توجه لزيادة أسعار 72 صنفاً آخر على الأقل في ست شركات إنتاجية بعد تعرضها لخسائر كبيرة بسبب زيادة سعر الكلفة وسط غياب الدعم الحكومي. وأكدت رئيسة قطاع التسجيل والشؤون التنظيمية في الشركة نجوى برهام في تصريح إلى «الحياة» أن «ما يثار حول اتهامات للشركات الحكومية هو افتراء وظلم، فزيادة أسعار الدواء، أو تحريكها، مرتبط بأسباب عدة منها سعر الدولار المتزايد الذي تسبب في زيادة أسعار المواد الخام التي تُورّد إلى مصر حتى بعد التعاقد»، موضحة أن «الزيادة ما هي إلا تنفيذ لتحذير شركات الدواء السابق من عواقب تنفيذ القانون رقم 499 الذي يعطي الصيدلي 25 في المئة من الأرباح، والزيادة هي لخمسة في المئة من المستحضرات التي تنتجها الشركات خلال السنة». وأعربت عن استيائها من الخسائر المتتالية التي يشهدها قطاع الدواء الحكومي، والتي قدرت العام الماضي ب120 مليون جنيه (18.3 مليون دولار)، لكنها أشارت إلى أن الشركات الحكومية مازالت تنتج العقاقير الخاسرة لتلبية حاجات المواطن. وعزت برهام اختفاء عقاقير الإنفلونزا من الأسواق إلى كلفة إنتاجها الباهظة ورخص سعر البيع في الأسواق، مؤكدة أن من الطبيعي زيادة سعره لتتمكن المصانع من تغطية الكلفة وتطوير خطوط الإنتاج.