في ظل الاحتقان الشديد الذي تمر به صناعة الدواء في مصر، أكد رئيس «لجنة الإسم العلمي» سيف الله إمام، أن محاولة إثارة أزمة بين الأطباء والصيادلة في مصر في شأن الإسم العلمي هي محاولة لافتعال أزمة في غير وقتها. وأضاف أن لدى النقابتين قضايا ساخنة تستوجب الاهتمام بها، ودعا إلى عدم جرّ الأطباء والصيادلة إلى صدام أو مواجهة في قضية يمكن التفاهم حولها. وأكد إمام ان قضية رفع هامش ربح الصيدلي وتطبيق قرار التسعير الأخير الرقم 499 يحظيان بأولوية، موضحاً أن الأزمة المفتعلة حول كتابة الدواء بالاسم العلمي تفتقد الكثير من الموضوعية، إذ ان القرار الوزاري يسمح بتسجيل أصناف أدوية بهذه الطريقة، علماً ان هناك 12 ألف دواء متداول في مصر بالاسم التجاري، من بينها ما هو مسجل باسمه العلمي. وتابع ان المرحلة ستكون تجربة للجميع، أطباء وصيادلة وشركات الأدوية، لنرى مدى فعالية هذا القرار لمصلحة المريض المصري، وأن سعي نقابة الصيادلة الى كتابة الدواء بالاسم العلمي يصبّ في مصلحة المريض المصري والنظام الصحّي، وهو ما سيثبته التطبيق العملي لهذا المشروع. وأوضح مستشار رئيس مجلس الأمناء في جامعة «المستقبل» المصرية مدير البحوث السابق في جامعة «سينسيناتي» الأميركية عادل صقر في تصريح الى «الحياة»، أن لا صناعة للدواء الأصلي في مصر، بل للدواء تحت إشراف الشركة الأم، وأوضح أن من الأسباب الرئيسة لعدم تمكن مصر من صناعة الدواء الأصلي هو كلفته، التي تقدر بما بين 800 مليون دولار وبليون للصنف الواحد، ومن الأسباب الأخرى، المدّة الزمنية التي يتطلبها هذا الأمر من البحث الى الاختبار واعتماد براءة الاختراع... وهي تتراوح بين 10 و15 سنة. ولفت إلى «أن تاريخ صناعة الدواء في مصر يعود إلى 50 سنة، عندما أسست شركات كبرى سويسرية وأميركية مصانع لتصنيع الدواء بإشرافها، يتمتع بمواصفات مطابقة للدواء الأصلي، وتتوافر فيه معايير الجودة ذاتها». وأوضح أن الروتين والاستراتيجية اللذين تتبعهما الحكومة المصرية يصعّبان عملية البحث العلمي وتطوير الدواء محلياً، إلى جانب الكلفة الباهظة للتصنيع. وأشار الى أن ما تحتاج إليه البلاد لتحسين صناعة الدواء هو إلغاء قانون التسعيرة الذي يصبّ في مصلحة الصيدلي فقط، وإلغاء القواعد التي تقيّد الاختراع، واتباع القانون الدولي للالتزام باستمرارية التعليم، وتحسين موازنة «الشركة القابضة للدواء» لتمكينها من تطوير الصناعة الدوائية. وطالب الحكومة المصرية بأن تشكل لجنة تنفيذية لدرس مشاكل الصناعة، والعمل على تأسيس لجنة تنفيذية تواكب الصناعة عالمياً وتعمل على تنفيذ آليات تطوير الدواء. ورأت رئيسة قطاع التسجيل والشؤون التنظيمية في «الشركة القابضة للدواء» نجوى برهام ان تطوير الصناعة الدوائية في مصر يفرض على الحكومة أن تنفق أكثر على البحوث العلمية وأن ترفع موازنة البحث العلمي من 2.5 في المئة إلى 10 في المئة من الإنفاق الإجمالي. وأضافت أن الشركات العالمية في مصر لديها القدرة على أن تتعاون مع مراكز بحوث علمية في الخارج، ما يصعب على شركات الدواء الحكومية فعله لضعف إمكاناتها المادية. وأفادت برهام بأن من الضروري أن تبدأ كل شركة بالمبادرة في دعم مراكز البحوث المحلية، حتى تتمكن من صناعة الدواء في المستقبل. وأشادت بدور شركة «فاركو» في التبرع ل «مدينة زويل للبحث العلمي». وعقّبت برهام على قانون التسعيرة بأنه في مصلحة الصيدلي، إذ إن هامش الربح المضاف للصيدلي البالغ 5 في المئة خلال 5 سنوات، يؤخذ من شركات الدواء. وأوضحت أن الصيدلي لا يتحمل الأعباء التي تتحملها شركات الدواء في مصر. وتابعت: «القانون يفرض في وقت غير ملائم، وعلى شركات ضعيفة في الأساس، ويهدد شركات كثيرة بالإغلاق، إذ إن سعر الدواء ثابت، في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام وقطع الغيار للأجهزة، فالشركات تبيع الدواء بأقل من كلفته، بما لا يعود عليها بأي ربح على الإطلاق». ولفتت الى أن خسائر القطاع الدوائي الحكومي تقدر بنحو 118 مليون جنيه مصري (20 مليون دولار) هذه السنة، وفي حال رُفع سعر الدواء، من الممكن تطبيق قانون التسعيرة، لكن في الوضع الراهن هذا القرار قد يقضي على الصناعة الدوائية في مصر خلال سنوات. وعن كتابة الدواء بالاسم العلمي، أوضحت انه «يلغي دور الطبيب، إذ إنه هو المسؤول عن كتابة العلاج للمريض وليس الصيدلي، وليس من شأن نقابة الصيادلة أن تتطرق إلى هذا المطلب». وأضافت: «من الممكن استعمال الاسم العلمي للدواء في المناقصات فقط، لكن ليس في سوق الدواء، إذ إنه يهدد الشركات الخاصة، ويلغي المنافسة في السوق».