حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» من أن السكان في شمال سورية التي تشهد معارك مستمرة، بحاجة إلى الأدوية والمياه والأغذية، مشيرة إلى حالات حادة من سوء التغذية لدى الأولاد على خلفية اشتداد عمليات القصف. وأقامت المنظمة غير الحكومية ثلاثة مستشفيات في شمال وشمال غرب البلاد رغم رفض نظام بشار الأسد لذلك. وجاء في بيان أن «إحدى فرقها توجهت إلى مدينة تتعرض لقصف منتظم منذ أشهر في شمال إدلب». وقال المصدر إن «الجيش النظامي في هذه المنطقة يقصف المناطق الريفية من دون تمييز» ويستهدف المساجد والمخابز ومستشفيات المعارضة، ما يرغم «العاملين الذين لا يزالون موجودين فيها على المخاطرة لضمان استمرارية مستشفى سري يعمل بفضل تضامن السكان». ودان المصدر «استراتيجية الرعب التي تلجأ إليها الحكومة السورية». وقال أدريان مارتو، الطبيب في المنظمة الذي عاد إلى باريس بعد أن أمضى ثلاثة أشهر في سورية «العديد من الجرحى يموتون لعدم تلقي العلاج أو نقلهم في الوقت المناسب إلى مستشفى أفضل تجهيزاً». وقال إن «هذه المنطقة محرومة من الكهرباء» والماء في حين أن الطقس بارد جداً و «أقيمت مستشفيات في أقبية للاحتماء من القصف اليومي الذي اشتد في الأسابيع الماضية» والتي تعمل «في ظروف رديئة من دون ضوء ومعدات طبية أو مضادات حيوية». وأضاف: «شاهدت بعض حالات حادة من سوء التغذية، خصوصاً بين الأولاد والرضع»، لأن «الأسر فقيرة ولم تعد تملك المال لشراء الحليب». وتابع: «إنها حالات محدودة لكنها قد تزداد». من ناحية أخرى، قالت سيسيل أصلانيان مسؤولة مشروع أطباء بلا حدود في سورية: «لا يمكننا الكلام عن مجاعة. لكن عدداً كبيراً من العائلات لاجئون، وفقدوا منازلهم في عمليات القصف أو فقدوا المعيل العائلي عندما قتل الأب. وهناك عدد لا يحصى من مشاكل الإمدادات بالمنتجات الأساسية، من مياه وغذاء ووقود التدفئة، الأمر معقد جداً. القليل من الأشخاص ينامون في الشارع، وفي هذا أيضاً إشارة إلى التضامن المحلي». وتابع في مقابلة مع رويترز: «ذهبنا إلى عدة بلدات ومدن وقرى. وعمليات قصف الجيش عشوائية بالكامل. في بعض الأماكن هناك إطلاق قذائف الهاون بشكل يومي، وأحياناً في ساعات محددة. هذا أمر يومي، من دون تمييز بالكامل، تسقط هذه القذائف على مدارس ومخابز ومساكن وفي الشارع... إن ما لاحظناه أخيراً هو أيضاً كثافة عمليات القصف، ولا سيما خلال الأيام التي تشهد طقساً جميلاً... نسمع انطلاق قذيفة الهاون وبعد ثوان تسقط. حصل أن سقطت عشرون قذيفة هاون في عشر ساعات بعض الأيام. القذيفة تصدر صوتاً ثم استراحة من ثلاثين دقيقة إلى ساعة ثم تعود فتسقط قذيفة أخرى... نشعر أن الناس ترهن حياتها وفقاً لذلك». وقال إن أغلب الإصابات هي «جروح حرب وجروح نتيجة شظايا والرصاص وأشخاص سحقتهم جدران منهارة والكثير من الكسور». وفي دلالة على الصعوبة المتزايدة التي تواجه السوريين، يتزايد عدد اللاجئين في مخيم باب السلام قرب الحدود التركية بسبب القصف والحالة الجوية ما يزيد من الوضع الإنساني الحرج في ذلك المخيم. وفر قرابة تسعة آلاف سوري إلى مخيم باب السلام هرباً من العنف في بلداتهم. وتجتاح موجة من الطقس البارد والأمطار الغزيرة والعواصف المنطقة المحيطة بالمخيم منذ أيام ويواجه كثير من الأسر في المخيم صعوبة في توفير سبل التدفئة وتجنب إغراق المياه لخيامهم. ويوجد في بعض الخيام مدافئ تعمل بالحطب، لكن جمع حطب كاف أمر صعب. وتقول نازحة تدعى أم محمد، إن السوريين يعيشون أوضاعاً فظيعة. ودعت أم محمد شعوب العالم إلى مساعدة الشعب السوري، وقالت إن ساكني المخيم يحصلون على الطعام من منظمات وجمعيات خيرية لم تعد قادرة على الوفاء باحتياجاتهم. ويقول أبو خالد إنه لا يوجد طعام كاف، وإنه يشعر بقلق دائم على أولاده. وجاء أغلب النازحين في باب السلام من منطقة حلب ويعتزمون العبور إلى تركيا.