الدمام، باريس – أسامة المصري، أ ف ب «أطباء بلا حدود»: النظام يستهدف المساجد والمخابز ومستشفيات المعارضة. عديد من الجرحى يموتون لعدم تلقي العلاج أو نقلهم إلى مستشفى أفضل تجهيزاً. تتعرض سوريا لموجة برد شديدة، وتساقطت الثلوج خلال اليومين الماضيين على معظم البلدان المحيطة بها في لبنان والأردن وتركيا، وهي أماكن يوجد بها مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في مخيمات أُعدت على عَجَل، ولا تقي سكانها من برد وأمطار الشتاء، فكيف بالثلوج التي تساقطت بغزارة، وهذا ما انعكس على الحالة الإنسانية السيئة التي يعيشها اللاجئون بالأصل في مخيماتهم وفي أماكن وجودهم في القرى والأرياف السورية كنازحين، وحتى الذين لم يغادروا بيوتهم فهم في وضع إنساني سيىء مع استمرار القتال والقصف الذي تتعرض له مناطق عديدة من سوريا، في ظل انقطاع مواد الحياة الرئيسة كالخبز ومواد التدفئة، وكذلك المواد الطبية. مدينة حمص وفي مدينة حمص، التي تتعرض لأسوأ أنواع الحصار من قِبَل النظام على مدى أكثر من ستة أشهر، تعيش ظروفاً كارثية، وأوضح الناشط الميداني أبو بلال الحِمْصِي من داخل الأحياء المحاصرة في حمص ل «الشرق»: إن 800 عائلة محاصرة منذ تاريخ 9-6-2012، وتعيش أوضاعاً صعبة، وتفتقد كل وسائل الحياة من كهرباء إلى مياه إلى مازوت إلى غاز، والخبز قليل، وحليب الأطفال غير متوفر، كما أن الأدوية أصبحت نادرة. تعيش هذه العائلات على شرب مياه الآبار، وتستعين بالحطب للطبخ والتدفئة، إن وُجد الحطب، في مكان ضيق لا يتجاوز 4 كيلومترات مربعة، الأكل الرئيس وجبة واحدة لمعظم هذه العائلات، وهي الأرز، وأضاف أن المشافي الميدانية تكتظ بالجرحى، وكل يوم هناك أعداد تتوافد على المشافي الميدانية بسبب القصف العنيف والاشتباكات اليومية، أما الآن، ومع تساقط الثلوج؛ فإن الوضع يزداد تفاقماً مع اشتداد البرد، فهناك عشرات العائلات تسكن في أماكن ضيقة وملاجئ صغيرة، وقال الحِمصي: إنهم يفتقرون لأبسط سبل الحياة، ويخشون من ازدياد الوفيات بين الجرحى مع اشتداد البرد هذه الأيام، وأشار الحِمصي إلى الريف الغربي، حيث قرى الحولة المحاصرة من عدد من القرى الموالية للنظام، والتي تُقصَف باستمرار، والأوضاع الإنسانية فيها صعبة للغاية، وناشد أبو بلال منظمات الإغاثة الإنسانية للتدخل وإيصال المساعدات الضرورية. ريف دمشق وقالت لجان التنسيق المحلية إن الريف الدمشقي يعاني من أزمة إنسانية حقيقية في ظل استمرار القصف والمعارك رغم تساقط الثلوج، وخاصة في مدينة داريا والمعضمية، وكذلك بلدات ومدن الغوطة الشرقية، وذكر ناشط ل «الشرق» أن الناس أصبحوا يفتقرون إلى أبسط سبل الحياة في ظل الحصار واستهداف الأفران ومحطات الوقود التي لجأ إليها النظام لمعاقبة المدن الثائرة، وحرمان المناطق من أساسيات الحياة، وأكد أنه مع تساقط الثلوج خلال اليومين الماضيين فإن الوضع ازداد تردِّياً، وأصبح الناس يضعون الألبسة القديمة وما يتوفر بين أيديهم في مدافئهم، في ظل انقطاع المازوت بشكل كامل عن كثير من المناطق في الريف الدمشقي.وقال الناطق الإعلامي في مدينة عربين بالغوطة الشرقية، جهاد السباعي، ل «الشرق»: إن الناس في مناطق الغوطة الشرقية تعيش في ظروق سيئة للغاية، وهم يعيشون في حالة حرب دائمة في مدينة عربين منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، وأشار السباعي إلى انقطاع التيار الكهربائي وكافة أنواع الاتصالات، وكذلك، هناك نقص حاد في المحروقات في هذا الشتاء البارد. وقال السباعي: إن الأهالي يعتمدون على ما توفر لديهم من قطع الأشجار لأجل تدفئة أطفالهم. وأكد أن المساعدات الإغاثية قليلة، وهي في معظمها محلية، ويقوم بتوزيعها المكتب الإغاثي في مدينة عربين.وقال الكاتب الروائي خالد خليفة على موقع التواصل الاجتماعي «إن العاصمة دمشق تلحق بأخواتها من المدن الأخرى، فلا كهرباء ولاغاز ولامازوت، وقذائف وطيران واشتباكات وحواجز وبرد شديد». أطباء بلا حدود وفي السياق نفسه حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» من أن السكان في شمال سوريا، بحاجة إلى الأدوية والمياه والأغذية، مشيرة إلى حالات حادة من سوء التغذية لدى الأطفال على خلفية اشتداد عمليات القصف. وأقامت المنظمة غير الحكومية ثلاثة مستشفيات في شمال وشمال غرب البلاد، رغم رفض نظام بشار الأسد لذلك. وجاء في بيان أن «إحدى فرقها توجهت إلى مدينة تتعرض لقصف منتظم منذ أشهر في شمال إدلب».وقال المصدر: إن «جيش النظام في هذه المنطقة يقصف المناطق الريفية دون تمييز، ويستهدف المساجد والمخابز ومستشفيات المعارضة، ما يرغم العاملين الذين لايزالون موجودين فيها على المخاطرة لضمان استمرارية مستشفى سري يعمل بفضل تضامن السكان». وقال أدريان مارتو، الطبيب في المنظمة الذي عاد إلى باريس بعد أن امضى ثلاثة أشهر في سوريا «عديد من الجرحى يموتون لعدم تلقي العلاج أو نقلهم في الوقت المناسب إلى مستشفى أفضل تجهيزاً».وقال إن «هذه المنطقة محرومة من الكهرباء والماء، في حين أن الطقس باردٌ جداً، وأقيمت مستشفيات في أقبية للاحتماء من القصف اليومي الذي اشتد في الأسابيع الماضية» حيث تعمل «في ظروف رديئة دون ضوء ومعدات طبية أو مضادات حيوية».وأضاف «شاهدت بعض حالات حادة من سوء التغذية خصوصاً بين الأطفال والرضَّع؛ لأن الأسر فقيرة، ولم تعد تملك المال لشراء الحليب». امرأة في مخيم في ديار بكر في تركيا