لا تستطيع زواحف جزر غالاباغوس الرائعة المعروفة بأنها أوحت نظرية التطور لعالم الطبيعيات البريطاني تشارلز داروين، الاستمرار إلا في الأَسر في الأرخبيل التابع للإكوادور. وقد أُدرجت هذه الجزر الخلابة، وهي جوهرة معزولة في المحيط الهادئ تقع على مسافة نحو ألف كيلومتر من السواحل، عام 1979 على قائمة التراث العالمي للبشرية. وهي تضم ما لا يقل عن 1500 نوع نباتي و500 نوع حيواني من بينها الإيغوانا والسلاحف العملاقة المهددة بالاندثار. وبدأ متنزه غالاباغوس الوطني منذ عام 1965 تربية هذه الزواحف في الأسر، وخصوصاً في بويرتو آيورا، عاصمة جزيرة سانتا كروث، في منشآت خاصة سمحت بإطلاق أكثر من أربعة آلاف سلحفاة مجدداً في الطبيعة. وبنيت مراكز تكاثر في مناطق أخرى من الأرخبيل من أجل المحافظة على بعض الأنواع النادرة مثل تلك الموجودة على جزيرة بينثون حيث أعيد أكثر من 500 نوع من الزواحف إلى الطبيعة في غضون نصف قرن. ويمارس فاوستو ينيرا، المسؤول عن مركز التربية في بويرتو آيورا، مهمته للحفاظ على النظام البيئي الحيواني هذا. يقول: «السلاحف تتكاثر هنا حيث لدينا سلاحف بالغة من جزيرتي سانتياغو بينثون وإسبانيولا. ونجمع أيضاً بيوضاً أو صغاراً وضعت في أعشاش طبيعية لكي تربى هنا». وسهر هذا العالم خصوصاً على «جورج المنعزل»، وهو سلحفاة معمرة من جزيرة بينتا نفقت في 24 حزيران (يونيو) الماضي. ويشرف يرينا على نحو 1200 سلحفاة في سنتها الرابعة كحد أقصى و300 بيضة جمعت منذ تموز (يوليو) الماضي فرخت أول مجموعة منها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وتوزّع الأجنّة في محضنين على شكل خزانة وفقاً لجنسها. فللحصول على ذكور يجب حفظها في 28 درجة مئوية في مقابل 29,5 درجة للحصول على إناث. ويوضح العالم أن «الحرارة هي التي تحدد الجنس». وبعد وضعها في حاضنتين توضع البيضات التي تحمل علامات بلون مختلف لمعرفة أصلها، في النشارة في الوضعية ذاتها كما لو كانت في عش طبيعي. وبعد فترة حضانة من 120 يوماً يمضي المواليد الجدد شهراً كاملاً في عش اصطناعي، ومن ثم تبقى في حظائر خاصة لمدة سنتين قبل أول احتكاك لها بالأرض الطبيعية. وفي مراكز التربية، يقوم غذاء هذه السلاحف على نباتات عدة تزرع خصيصاً في المزارع، وتتلقى السلاحف أيضاً المياه العذبة مرتين أسبوعياً. أما إعادتها إلى موطنها الطبيعي فلا تحصل إلا عندما يبلغ حجم السلحفاة 23 سنتيمتراً، أي في سن الرابعة تقريباً. وتُربى أكثر من ألفي سلحفاة في الأَسر في جزر غالاباغوس من أصل 40 ألف سلحفاة، وثمة نحو عشرة أنواع مختلفة. وقد يصل وزن بعضها إلى نصف طن وطولها إلى أكثر من 1,80 متر، ويمكنها أن تعمر 180 سنة إذا نجحت في الإفلات من الأخطار التي تحدق بها. ويفيد خبراء بأن الأرخبيل كان يضم في الأساس 14 نوعاً من السلاحف، انقرض منها ثلاثة حتى الآن.