بدا المشرعون الأميركيون في وقت متقدم أمس، قريبين من الوصول إلى اتفاق حول الموازنة تتفادى من خلاله الولاياتالمتحدة السقوط في «الهاوية المالية». وأعطت المؤشرات الأخيرة بشائر تفاؤل في المفاوضات بين الديموقراطيين والجمهوريين، وإمكان تمرير قرار في الكونغرس قبل ساعات الفجر الأولى (بالتوقيت المحلي)، يقضي بزيادة الضرائب على الأثرياء والحد من الإنفاق. وبعد أشهر من المفاوضات بدا الفريقان أقرب إلى إحراز صفقة تمهّد لتفادي الهاوية، ولإقرار موازنة تجنب رفع الضرائب على الأميركيين وإجراءات تقشف تقضم عشوائياً من الصرف الحكومي. ويبدو ان زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، طلب التفاوض مباشرة مع البيت الأبيض ونائب الرئيس جوزف بايدن، مؤكداً حاجته إلى «شريك في الرقص» أفضل من زعيم الغالبية الديموقراطية في المجلس هاري ريد. ورشح عن التقارير الأخيرة حول مفاوضات ماكونيل - بايدن، الى أنهما ينهيان العمل على اتفاق يرفع الضرائب على العائلات التي يتخطى مدخولها 450 ألف دولار، والأفراد الذين يجنون أكثر من 400 ألف دولار سنوياً. وكانت هذه الشريحة استفادت في السنوات العشر الأخيرة من إعفاءات ضريبية منحها الرئيس الجمهوري السابق جورج بوش، وتنتهي صلاحيتها مطلع السنة. واستمرت المفاوضات حول الإنفاق الحكومي والبرامج التي ربما يتم تقليص الصرف فيها، وطالب الجمهوريون بخفض الإنفاق الصحي وفي مجال الضمان الاجتماعي، فيما اعترض الديموقراطيون على ذلك. ويعمل الفريقان على مدار الساعة للوصول إلى اتفاق يجنب الهاوية المالية وخضة اقتصادية في السوق المالية. يذكر ان العالم بأسره انشغل، حتى الساعات الأخيرة من عام 2012ب»الهاوية المالية» الأميركية، وألزم أعضاء الكونغرس بمواصلة الاجتماعات حتى يوم رأس السنة، للمرة الأولى منذ أكثر من 40 سنة، في جولات ماراتونية للوصول إلى اتفاق اللحظة الأخيرة، لتفادي انكماش تنتجه إجراءات «الهاوية المالية»، الناتجة عن اتفاق أبرمه المشرعون عام 2011، حدد الديمقراطيون والجمهوريون بموجبه مهلة تنتهي عام 2012، لوضع خطة تخفض العجز، وإلاّ ستفرض إجراءات قاسية تسمح باقتطاع أكثر من 600 بليون دولار في النفقات الفيديرالية. ورأى اقتصاديون مستقلون في مكتب الموازنة في الكونغرس، بحسب «وكلة الأنباء الفرنسية»، أن هذا العلاج القاسي «سيؤدي إلى تراجع الناتج الداخلي 0.5 في المئة هذه السنة، مع ارتفاع البطالة (9.1 في المئة مقابل 7.7 في المئة)». وأفادت الوكالة بأن نجاح المفاوضات ليس لمصلحة أي من الطرفين، على رغم هذه المساعي الماراتونية. ففي حال الفشل، سيحقق اوباما مطلبه بزيادة مساهمات الطبقات الميسورة، كما انه لن يعود على الجمهوريين سوى التصويت بعد الأول من هذا الشهر، على خفوضات ضريبية جديدة على الطبقة الوسطى من دون النكث بوعودهم بعدم زيادة الضرائب. وبقيت اسواق الاسهم حائرة بسبب عدم اليقين في الولاياتالمتحدة وأغلقت الاسهم الآسيوية على انخفاض ما عدا مؤشر «نيكاي» الذي ارتفع أقل من نقطة مئوية. واغلقت الاسواق الأوروبية متراجعة ايضاً في حين فتحت الاسواق الاميركية من دون تغيير بانتظار «الحل او اللاحل» في الكونغرس. وحافظ الدولار على مستوياته منذ بداية العام الماضي بعد تقلبات مقابل اليورو، الذي تاثر بازمة الديون الاوروبية. وخسر النفط الخام «برنت» و»الاميركي الخفيف» بعض المكاسب وتراجع سعره اذا تم احتساب نسب التضخم، لكن مستوياته لا تزال مقبولة عن الدول المنتجة التي عادة ما تسعره في موازناتها اقل من اسعاره في الاسواق الدولية. وأغلق سعر خام «برنت» في سوق لندن نهاية التداول عند 109.75 دولار.