بمبانيها التراثية المحاطة بالنخيل تمثل قرية القصار التي تم بناؤها من الحجارة وجريد النخل عنصر جذب سياحي في جزيرة فرسان في منطقة جازان، خصوصاً بعد انتهاء مشروع تأهيلها الذي نفذته الهيئة العامة للسياحة والآثار أخيراً، لتصبح القرية جاهزة لاستقبال السياح والزوار في إجازة منتصف العام بعد أيام. وتضمن المشروع التأهيلي تنفيذ ممرات للمشاة، وتنفيذ جلسات مظللة، وإنشاء مركز خدمات مصغر، وترميم الأسوار المطلة على الممرات، وترميم المسجد ودورات المياه، وترميم عدد من المنازل القديمة وتحويلها إلى نزل بيئية ومركز استقبال للزوار، وإنشاء مدخل للقرية ذات طابع تراثي، وتنفيذ وحدات إنارة للممرات ذات طابع تراثي. تبعد قرية القصار عن جزيرة فرسان نحو خمسة كيلومترات جنوباً، ويمكن للسائح زيارتها من خلال مرسى جنابة ومرسى الحافة، كما تعود أهمية القرية إلى كونها منتجعاً صيفياً يقضي فيها أهالي فرسان ما يزيد على ثلاثة أشهر متزامنة مع موسم يطلقون عليه «العاصف»، وهي رياح الشمال الصيفية المعلنة عن موسم استواء رطب نخيلها، وتمتاز بعذوبة مياهها الجوفية وقربها من سطح الأرض، إذ لا يزيد عمقها على سبعة أمتار. وكان الباحثون عثروا في المنطقة على نقوش خطت على بعض حجارتها بالخط الحميري ونقوش أخرى بالحروف اللاتينية القديمة، ونقوش تعود إلى عام 24 قبل الميلاد في منطقة الكدمي الواقعة في قرية القصار، كما وجدت كتابات بخط المسند الجنوبي تعود للعهد الحِمْيري، كما أن قرية القصار خصبة بالآثار التي تعود إلى العهد الروماني، إذ بداخلها ما يشبه كنيسة قديمة وفيها بعض الرسومات والكتابات القديمة، بعضها يعود للعهد الحِمْيري، إضافة إلى الحصن الأثري الذي يعود إلى الفترة الإسلامية المتأخرة. وكان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز اطلع في جولة ميدانية قام بها أخيراً، خلال زيارته لمهرجان الحريد بجزيرة فرسان على مشروع تهيئة قرية القصار، ووصف قرية القصار بأنها تحفة سياحية حضارية تراثية على مستوى المملكة، ولفت إلى أن «الهيئة» حرصت على استخدام عناصر البيئة في أعمال الترميم والرصف؛ حتى لا تفقد القرية خصوصيتها المعمارية والبيئية، وأنها ستكون إضافة نوعية لمجال السياحة والترفيه في جزيرة فرسان والمنطقة، إذ روعيت فيها الأجواء الأسرية العائلية، وكذلك حاجات الشباب. من جانبه، ذكر المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة جازان رستم الكبيسي أن مشروع تهيئة قرية القصار يأتي ضمن خطة «الهيئة» لإحياء القرى التراثية في المنطقة، وستكون القرية تراثية سياحية ترفيهية شعبية تحتوي على المطاعم والمقاهي الشعبية ومعرض للحرف البحرية ومتحف للتراث الفرساني، ومحال لبيع المنتجات الفرسانية الأثرية، وقال: «نسعى الآن إلى إنشاء جمعية تعاونية لملاك قرية القصار من أجل استثمار أصحاب تلك المنازل لمرفقات القرية التراثية، من محال ومطاعم وغيرها، حتى تعود بالنفع عليهم أيضا، وأن الاهتمام بالقرية لن يتوقف عند انتهاء مراحل المشروع، بل سيستمر حتى بعد ذلك، فصيانتها ومتابعتها من الأمور المهمة، وكذلك تنفيذ أية أفكار مستقبلية تطور هذا المعلم السياحي المهم».