أمر الادعاء العام التابع لهيئة «مكافحة الفساد» في الأردن أمس، بالحجز على أموال وليد الكردي، نسيب الملك عبدالله الثاني، رئيس مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات السابق، بعد اتهامه بقضايا فساد. وقرر الادعاء العام التحفظ عن أموال الكردي المنقولة وغير المنقولة، وطلب استداده من لندن حيث يقيم موقتاً لإخضاعه للتحقيق. وقالت مصادر داخل الهيئة ل «الحياة»، أن «لائحة اتهام مطولة ستُوجه قريباً إلى الكردي» الذي كان غادر الأردن منذ شهور إثر شبهات حامت حول المنصب الذي شغله لسنوات. وعلمت «الحياة» أن السلطات الأردنية منعت قبل أيام أفراداً من عائلة الكردي من المغادرة، وتم احتجاز أحدهم في مطار الملكة علياء الدولي، قبل أن تتدخل جهات رسمية لصالح مغادرته المملكة. وتحقق الهيئة في شبهات تجاوزت ملايين الدنانير خلال تولي الكردي رئاسة مجلس إدارة الشركة العامة ورأسمالها 75 مليون دينار أردني للأعوام (2007 – 2012). واستقال الكردي، وهو زوج عمة الملك الأميرة بسمة بنت طلال، من رئاسة الشركة بعد جدل كبير في شأن المالك الحقيقي لها بعد إعلان تخصيصها. وأوضح الكردي في كتاب وجهه إلى مجلس إدارة الشركة أنه ترك منصبه «غير طامح إلا إلى رضى الله تعالى». وتحدث عن إنجازات حققتها الشركة منذ تخصيصها، مشيراً إلى أن أرباحها وصلت إلى بليون دولار، إضافة إلى عائدات لخزينة الدولة قاربت 662 مليون دولار واستقطاب استثمارات للأردن بقيمة 1.5 بليون دولار. وأثارت معلومات كشفتها لجنة تحقيق برلمانية في وقت سابق ذهول سياسيين، ناهيك عن غضب الشارع، إذ أشارت إلى أن حكومة بروناي التي كانت الجهات الرسمية تتحدث عن أنها اشترت 37 في المئة من حصة الحكومة في الشركة، لا تملك سهماً واحداً، وأن المالك شركة مجهولة مسجلة في جزيرة في المحيط الأطلسي، بل إن نواباً قالوا إن الشركة انتقلت من ملكية الحكومة الأردنية إلى أردنيين، وهو ما فتح باب اتهامات الشارع بأن الكردي مجرد واجهة لمتنفذين. وكشفت مصادر رسمية أردنية أن قراراً اتخذ خلال اليومين الماضيين، يقضي بتحويل شخصيات اعتبارية داخل الدولة على القضاء بتهم تتعلق أيضا بالفساد. وأكدت أن العاهل الأردني «أمر قبل أيام باستكمال التحقيقات المتعلقة بملفات الفساد التي طالب الشارع مراراً بفتحها». ونقلت عن الملك قوله إن «لا أحد فوق القانون مهما علت رتبته، وإن 5 ملفات كبيرة يشوبها فساد ستُحال على القضاء ليتم بحثها والبتّ فيها في أسرع وقت». كما أشار الملك في إحدى الجلسات إلى أن «4 شخصيات معروفة بالاسم تخضع للمراقبة، وستتم إحالتها على القضاء بتهم استخدام المال السياسي خلال الانتخابات». وعلمت «الحياة» أن ثمة ملفات رسمية أخرى يشوبها فساد ستفتح في غضون أيام على مستويات متعددة بهدف إحالتها على المحاكم المختصة. وتمزج هذه الملفات ما بين شركات وأسماء لشخصيات معروفة قيد التدقيق والنقاش داخل مؤسسات الحكم المختلفة. وقال ماهر أبو طير أبرز مستشاري الحكومة السابقين وأحد القريبين من القصر الملكي، إن «الدولة تسعى إلى تقديم أدلة حقيقية على محاربة الفساد لتهدئة الشارع وإنقاذ الانتخابات النيابية» المقررة في 23 كانون الثاني (يناير) المقبل. وأضاف أن «جهات رسمية ستكشف خلال أيام مفاجآت كبيرة في ما يخص ملف شركة الفوسفات»، متحدثاً عن «توجه رسمي لفتح ملفات فرعية مرتبطة إلى حد كبير بما أشيع أخيراً عن قضايا فساد داخل بعض المؤسسات والشركات المخصخصة». لكن الناشط في الحراك الشعبي معاذ الخوالدة اعتبر أن الحديث عن مكافحة الفساد في الأردن «ليس سوى فقاعات إعلامية هدفها تسكين الشارع وتخفيف حدة الاحتقان». يذكر أن الأردن يشهد منذ كانون الثاني (يناير) عام 2011 تظاهرات واحتجاجات تطالب بالإصلاح السياسي والاقتصادي ومحاربة الفساد.