لندن، دمشق، بيروت - «الحياة»، رويترز، ا ف ب - يصل الى موسكو اليوم المبعوث الدولي العربي الى سورية الاخضر الابراهيمي لاجراء محادثات مع المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية ينتظر ان يطلعهم خلالها على تفاصيل عرضه تشكيل حكومة انتقالية «كاملة الصلاحيات». وكانت موسكو قالت أنها ستُعلن موقفها من هذا العرض بعد المحادثات. واشار نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أمس إلى أن «خطة الإبراهيمي» ستغدو محور مناقشات جديدة يعقدها الروس مع الأميركيين بحضوره. وقال إن «القرار النهائي في شأن ترتيب لقاء جديد على مستوى نائبي وزيري الخارجية مع الابراهيمي سيُحدد بعد زيارته الى موسكو لكن المتوقع أن يتم مباشرة بعد عطلة عيد رأس السنة». من جهة اخرى قالت مصادر دبلوماسية ل»الحياة» في لندن، ان موافقة روسيا واميركا على مبادرة الابراهيمي بتشكيل «حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات» يعني صدورها في قرار دولي بموجب الفصل السادس، يتضمن عدداً من العناصر بينها نشر قوات حفظ سلام دولية لمراقبة وقف العنف ودعم تنفيذ الخطة الانتقالية. واشارت الى ان الابراهيمي سيلتقي مساعدي وزير الخارجية الاميركي وليم بيرنز والروسي ميخائيل بوغدانوف في جنيف بداية العام المقبل، للبحث في صياغة «جنيف 2» الذي يستند الى خطوات تنفيذية ل «بيان جنيف» الذي صدر باتفاق ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن و»مجموعة الاتصال» في نهاية حزيران (يونيو) الماضي. وقالت المصادر ان هذه المقترحات التنفيذية ستنطلق من «صندوق الادوات» الموجود لدى الابراهيمي وفيه «بيان جنيف» وخطة المبعوث السابق كوفي انان وقرارات الجامعة العربية، بحيث تتضمن قوانين جديدة للعمل السياسي في سورية وتمهد لانتخابات برلمانية. وتوقعت المصادر صدور قرار دولي في بداية شباط (فبراير) المقبل، في حال جرى التوافق الروسي - الاميركي وتم دعمه بتوافق الدول الدائمة العضوية وعدد من دول المنطقة. وحض لافروف امس في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره المصري محمد عمرو، السلطات السورية على ابداء استعداد جدي للحوار مع المعارضة، وقال إن موسكو «أكدت في كل محادثاتها مع القيادة السورية على ضرورة تحويل الكلام المُعلن عن الاستعداد للحوار إلى ممارسة ملموسة». واضاف أنه دعا الجانب السوري خلال المحادثات مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى طرح خطوات محددة للحوار مع المعارضة، كما وجه لافروف دعوة الى المعارضة السورية بأن «تبحث عن سبل الحوار بدلاً من التركيز على هدف اسقاط النظام قبل أي حوار». وكان ميخائيل بوغدانوف أعلن أن بلاده وجهت دعوة إلى رئيس «الائتلاف الوطني السوري» أحمد معاذ الخطيب، ليلتقي ممثليها في موسكو أو جنيف أو القاهرة. غير ان الخطيب استبعد الذهاب الى موسكو واقترح الاجتماع مع الروس في دولة عربية و»ان يكون هناك جدول أعمال واضح». وطالب الخطيب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتقديم اعتذار للشعب السوري عن دعم نظام الاسد. كما رفض العقيد عبد الجبار العقيدي الذي يرأس «المجلس العسكري» في محافظة حلب الموافقة على مبادرة الابراهيمي وقال «كل ما يقوله الابراهيمي نحن غير موافقين عليه. ولا نقبل الا بمحاكمة بشار الأسد وأركان نظامه بالكامل.» وسارت تظاهرات في مناطق عدة من سورية امس تحت شعار «خبز الدم» تطالب باسقاط النظام، وهاجم قسم كبير منها الاخضر الابراهيمي. وفي حي الوعر في مدينة حمص رفع المتظاهرون لافتة كتب عليها «الابراهيمي يقدم شهادة البراءة للقاتل»، واخرى جاء فيها «شهداؤنا بالمئات وانت ضائع بين انفاق المؤامرات». وفي مدينة درعا رسم متظاهرون «بطاقة حمراء للابراهيمي»، تشبه البطاقة التي تعطى للاعبي كرة القدم لمعاقبتهم واخراجهم من الملعب. وقال المرصد ليل أمس ان مقاتلين من المعارضة استولوا أمس على حقل التنك النفطي في محافظة دير الزور شرق سورية، كما استولوا على آليات للقوات النظامية وقتلوا وجرحوا عددا من عناصرها و»استشهد خلال الاشتباكات ثلاثة مقاتلين من الكتائب». وتُعتبر الدعوة الروسية ل «الائتلاف السوري» ابرز دليل على اعتراف موسكو بتقدم المعارضة على الارض وبتراجع قدرة النظام على الاستمرار. فقد خففت وزارة الخارجية الروسية خلال الايام الاخيرة لهجتها المعادية للمعارضة السورية المتمثلة في «الائتلاف» الذي اعترف به الغرب ممثلاً للشعب السوري. وقال الكسي مالاشنكو المحلل لدى مركز كارنيغي في موسكو «ادركت روسيا قبل فترة طويلة ان الاسد لن يبقى في السلطة ولكن كان من الصعب عليها ان تعترف بذلك صراحة». واضاف انه كان على روسيا ان تغير لهجتها وتتخذ موقفاً اكثر تشدداً إزاء النظام في وقت ابكر. ولكنها تسعى الآن الى اللحاق بالقطار بعدما غادر المحطة. وهدفها اليوم هو انقاذ ماء الوجه.