اللعب على الكوميديا بكل أنواعها وأشكالها، هو العنوان الرئيسي لسينما عام 2012 في مصر كرهان لا يمل منتجو وصناع الأفلام من مغازلته، بخاصة حين يتعلق الأمر بكوميديا المفارقات وسوء الفهم المطعمة ببعض النكات والتعبيرات التمثيلية البلهاء. وافتتح الموسم السينمائي بفيلمين لاثنين من نجوم الكوميديا هما أحمد حلمي بفيلم «إكس لارج» وأحمد مكي بفيلم «سيما علي بابا». وفشل الاثنان، النجمان والفيلمان، في تحقيق أي نوع من النجاح، حتى أنهما صرحا أكثر من مرة أن حسابات كل منهما جاءت خارج السباق وأن ثمة شيئاً خطأ، حيث لعب حلمي على تيمة الشاب المفرط في سمنته الباحث عن قصة حب. أما مكي فتخيل أن العبث مع الجمهور المصري يمكن أن يأتي بنتيجة مفاجئة لكنه لم يستطع ترويض جمهور السينما التقليدية. وتوالت الأفلام بالصبغة الكوميدية، فنزل المطرب تامر حسني بجزء ثالث من «عمر وسلمى» ولم يشعر به أحد، ولحقه أحمد عيد بفيلم لم ينل شيئاً من اسمه: «حظ سعيد». وفيما يمكن أن يقال عنهما ثنائياً، على غرار ثنائي تامر حسني ومي عز الدين، جاء فيلم حمادة هلال وبشرى «مستر أند مسز عويس» من دون ان يستطيع مخرجه أكرم فريد ضبط إيقاعات أداء أبطاله الذين ضاعوا بين محاولات خفة الدم والتصنع من هلال والتعبيرات «الأوفر» من بشرى خصوصاً أن فكرة الفيلم عادية من حيث قوتها الدرامية وعولجت من قبل في أفلام قديمة، تيمة الشاب الغني الذي تلاحقه الفتيات لكنه يقع في حب فتاة عادية. من ناحيته اجتهد فريق عمل فيلم «تيتة رهيبة» للفنان محمد هنيدي وإخراج سامح عبدالعزيز، في صنع فيلم يستحق أن ينتمي للكوميديا أداءً وضحكات لها معنى وقيمة ما وراء الكوميديا تهدف رفض الهيمنة والتسلط بدءاً من تلك الأسرية إلى ما هو أكثر. وجاء فيلم «جدو حبيبي» كدراما من إخراج علي إدريس عائلياً أقرب إلى العمل التلفزيوني انطلاقاً من قصة مستهلكة عن تلك الفتاة المحظوظة (بشرى) التي تسمع عن جدها الثري المريض محمود ياسين وتفكر في ميراثها. لكنها عندما تعيش معه تتعلق به وتعيش حالة حب مع شاب من العائلة أحمد فهمي ولا يكدر صفوهما سوى وفاة هذا الجد. مع هذا الفيلم، يمكن القول إن بعض المواقف الطريفة والأغاني الخفيفة لا تصنع فيلماً يصمد أمام شباك التذاكر. لعل أسوأ أفلام الموسم وربما المواسم القادمة هو فيلم «مهمة في فيلم قديم» من إخراج أحمد البدري وبطولة فيفي عبده وإدوارد ولطفي لبيب والمغنية اللبنانية مادلين مطر التي لم تغن في الفيلم لزيادة مساحة الرقص من جانب فيفي عبده. أنجز الفيلم في 11 يوم تصوير وفي عدة مواقع محددة، حيث بدا أن المهم هو صنع فيلم وطرحه في دور العرض حرصاً على وجود الفيلم المصري وحصته في هذه الدور. الكوميديا حين تصدّ من ناحيته لا يكفّ الفنان أحمد السقا عن مداعبة الكوميديا ولا تكفّ هي الأخرى عن صده وإعادته لمنطقة الأكشن التي بات آخرون ينافسونه فيها بقوة ومن ابرزهم أحمد عز ومحمد رمضان. فيلم «بابا» لا يرقى للأداء الكوميدي الذي ينال إعجاب المتفرج المصري الذي اعتاد على الافيهات والمفارقات العجيبة والحركات البهلوانية كتعبير عن مفهوم الكوميديا. اما النجم سامح حسين فقد بذل مجهوداً في فيلم «30 فبراير» ورغم تناول فكرة الشخص المعقد الذي يعتقد أنه شؤم وذو حظ تعيس في أعمال درامية كثيرة من قبل، إلا أنه حاول أن يطور من أداء نمطية الشخصية بشيء من الانفعال الداخلي أنعكس على جو الكوميديا. «ساعة ونص» و «برتيتا» و «جوه اللعبة» و «مصور قتيل» و «بعد الموقعة»، مجموعة أفلام حاولت أن تقدم ألواناً أخرى من السينما لكنها لم تنل نجاحاً يوازي المجهود الفكري والتقني الذي بذل في إنجازها. في «ساعة ونص» من إخراج وائل إحسان - الذي قدم في الوقت نفسه فيلماً كوميدياً مع النجمة ياسمين عبدالعزيز هو «الآنسة مامي»- يستعرض («ساعة ونص») هموم ومشاكل طبقات اجتماعية دنيا في المجتمع المصري من خلال رحلة قطار من الدرجة الثالثة، يصور خلالها بانوراما للأفكار الدينية المتشددة والواقع المرير والمعاناة اليومية لهذه الطبقات لكن يبدو أن الجمهور لم يعد يحتمل أن يعيش تلك الكآبة مرتين. أو يمكن القول إن التناول السوداوي للفيلم هو ما صرف الجمهور عنه، رغم حشده عدداً كبيراً من النجوم مثل فتحي عبدالوهاب وأحمد الفيشاوي ويسرا اللوزي وماجد الكدواني وغيرهم. المطرب مصطفى قمر يقامر بتغيير شكله السينمائي في فيلم تشويقي هو «جوه اللعبة» حيث تحسب له مغامرته في فيلم أتى على قدر لا بأس به من الحرفية والإمساك بخيوط اللعبة. إلا أن المشكلة كمنت في ان قدرات قمر التمثيلية صعّبت عليه إقناع المتفرج بأجواء فيلم يدور حول جريمة قتل. على الجانب الآخر يمكن القول ان عرض فيلم «بعد الموقعة» في مهرجان «كان»، لم يشفع له عند الجمهور المصري حتى ولو كان يتناول حدثاً مهماً من بين وقائع ثورة 25 يناير وهو «موقعة الجمل». لقد كان الغريب هنا ان ينأى الجمهور عن هذه النوعية من الأفلام المشحونة بالأفكار والحوارات مع ان «بعد الموقعة» من بطولة المميزة منة شلبي والموهوب باسم سمرة. يبقى من حصيلة سينما 2012 في مصر، فيلمان هما «حصل خير» و «غش الزوجية» وهما من الأفلام التي لا تضرّ ولا تنفع، وعرضها لا يفرق كثيراً من عدمه، وهكذا عرض الفيلمان وتم سحبهما من الشاشات من دون أن يشعر أحد بذلك او يأسف عليهما احد!