بطرق جمعه وإعداده وتحضيره المختلفة، التي تتنافس خلالها ربات المنازل في منطقة جازان، لتزيين موائد الطعام، وكذلك لوفرة محاصيل حبوب الذرة في الوقت الراهن، تكتسب وجبة «الخضيِر» الغذائية أهمية كبيرة، إذ يحرص أهالي منطقة جازان على تناولها مع مواسم حصاد الذرة التي تتكرر أربع مرات في العام. وسمي «الخضِير» بهذا الاسم نسبة للون حبوب وسنابل الذرة، إذ تقطف ولونها أقرب إلى الخضرة في أول مراحل نضجه، وفي هذه المرحلة تكون حبات الذرة طرية وسهلة في الطحن من حبوب الذرة بعد الحصاد عندما تكون صلبة في العادة لاكتمال نضجها ومرور فترة زمنية عليها بعد حصادها واستخراجها من سنابلها وتخزينها بطرق يعرفها أصحاب المزارع خصوصاً كبار السن منهم. وتشهد مزارع الذرة في المنطقة هذه الأيام خصوصاً في محافظات صبيا وبيش وأبوعريش وضمد وصامطة وأحد المسارحة والدرب والمراكز والقرى التابعة لها، وفرة في محاصيل الذرة التي تمتلئ بها حقول المزارعين بخاصة القريبة منها من الطرق العامة في مواقع عدة تسترعي اهتمام الأهالي والزائرين للوقوف وشراء منتج جازان من الذرة الطرية «الخضير». ويعرض «الخضِير» للبيع في تلك المواقع على شكل حزم متوسطة الحجم تراوح أسعارها بين 20 و 30 ريالاً للحزمة حسب نوعية الخضير والكمية المتوافرة بكل حزمة من سنابل الذرة، أو على شكل حبوب تم فصلها عن سنابلها ليباع الكيلو من الذرة البيضاء ب 30 ريالاً ومن الذرة الحمراء ب 25 ريالاً، نظرا للإقبال والجودة الذي عرفت به الذرة ذات اللون الأبيض. وتتم عملية التحضير للخضير كوجبة غذائية بطرق مختلفة، إذ يبدأ المزارعون بقطف سنابل الذرة، ويتم جمع الحبوب وفصل الحبة عن سنبلتها بعد ضربها بعصا في عملية تسمى «الخيط»، لتقوم ربات البيوت بعد ذلك بجمع حبات الذرة وغسلها بالماء وطحنها في شكل جيد حتى تصبح جاهزة لعملية الطبخ، وفي المطبخ تتفنن ربات البيوت في صناعة أطباق مختلفة من تلك الخضير، فمنهن من تقدمه على شكل رغيف يتم إعداده وخبزه في التنور ليؤكل ويحتسى مع الحليب واللبن أو تعد منه وجبة «المرسة» الأكلة الأشهر في جازان بعد مزجه بالموز والسمن والعسل، وهناك من تقوم بإعداد وجبة «المفالت» وهي وجبة غنية بمكوناتها الغذائية عالية القيمة ومنها الحليب والسمن والعسل، وهناك من يفضل تناول الخضير بعد طبخه بالماء سلقاً ويضاف إليها الملح كما يفضله البعض مشوياً في سنابله. ويمتاز «الخضِير» بنكهة مميزة وطعم فريد لا يمكن أن يجده المتذوق في الحبوب حال اكتمال نضجها، ما جعل الأهالي يتسابقون على تقديمها كهدايا يقدمها أصحاب المزارع لجيرانهم الذين لا توجد لديهم مزارع أو لم يتمكنوا من زراعة الذرة خلال الموسم، وإن كان للخضِير هذا الطعم وهذه النكهة فإن لمنطقة جازان وتنوع منتجاتها الزراعية ومقوماتها الطبيعة طعم ونكهة فريدين وعبق رائحة يفوق رائحة «فل» جازان، يشمها الزائر وتقر بها عين الساكن فيها ليثبت للجميع يقيناً أن جازان «سلة غذاء الوطن»، وكأنها تقدم دعوة مفتوحة للمستثمرين للاستفادة والإفادة مما تزخر به من مقومات وإمكانات طبيعية وبشرية ستنتج تنمية وتطوراً وأمناً غذائياً إذا ما استثمرت حق الاستثمار.