تشتهر محافظة بيش منذ القدم وإلى وقتنا الحاضر بالزارعة، والتي يعد الذرة من أشهرها، خاصة في فصل الخريف. والذرة الخضراء أو «الخضير» اسم يطلق في فترة من فترات الاستواء التي يمر بها محصول الذرة قبيل استواء الحب في السنبلة واشتداد حباته، بحيث تصبح صلبة قابلة للتخزين بعد فصلها عن العذوق. وهذه المرحلة يتميز فيها الحب باللين والطراوة حيث يكتسب اللون الأخضر المشوب بشيء من البياض وتكون الحبة مشبعة بالماء، وبرائحة خاصة وطعم مميز. ويمر الذرة بعدة مراحل إلى أن يؤكل، وهي قطف العذوق اللينة الطرية، وتجمع ثم تفصل الحبة عن العذق بضربه بعصاة نحيلة أو بجزء من ساق القصبة التي تحملها، ثم تجمع وتغسل وتطحن لتتفنن بعد ذلك ربات البيوت في صناعة الوجبة الجيزانية المختلفة من تلك الحبات، فمنهن من تصنع أقراص الخضير بخبزها في التنور وتؤكل مع الإيدامات أو اللبن، أو قد تصنع منه «المرسة» وهي الأكلة الأشهر في جازان، وقد يصنع منها «المفالت والمرزوم» الذي قد يطعم بالسمن والعسل والحليب، وهناك من يفضل أن تطبخ بالماء سلقا ويضاف إليها الملح حسب الرغبة ويسمى هنا «المسهى» وهو يشبه في طريقته وآلية إعداده الذرة كما يفضله البعض مشويا، حيث يشوى على الفحم وهو في عذوقه، أو يحمص في إناء بحيث يصل إلى مرحلة استوء معينة ويسمى الشويط، وفي أي حالة كان أو بأي طريقة أعد يظل «الخضير»وجبة غنية تراثيا وغذائيا يتهافت عليها الكثير من أبناء جازان، ويمثل موسما هاما وجاذبا وفارقا في سلسلة المواسم التي تزخر بها جازان، ويعد لها العدة وتجتذب الكثير من أبناء المناطق المجاورة وزوارها القاصدون التعرف على موروثاتها وثقافاتها المتنوعة «الذرة» الآن يباع بشكر حديث جاهز لربات البيوت صناعة وصار تنافس في البيع وتزاحم وتدافع الزبائن عليه وخاصة الوافدين للمنطقة.