يجد ذوو 17 ألف مفقود ومخطوف ومخفي قسراً خلال الحرب الأهلية اللبنانية أنفسهم اليوم أمام استحقاق كان من المفترض أن يشكل خطوة مريحة لهم بمعرفة مصير أحبتهم، بعد مرور هذه السنين. مرّت أشهر ولم يُنفّذ قرار مجلس شورى الدولة الذي ألزم الدولة اللبنانية تسليم أهالي المفقودين كامل ملف تحقيقات اللجنة الرسمية التي تشكّلت عام 2000 للاستقصاء عن مصير المخطوفين والمفقودين. وكانت هيئة القضايا في وزارة العدل تقدّمت، في 6 أيار(مايو) الماضي، بطلب إلى مجلس الشورى لوقف التنفيذ بحجّة أن ذلك يشكّل «خطراً» على السلم الأهلي، لكن المجلس رد الطلب وأكّد قراره ضرورة تسليم الملف. إلا أن رئيسة الديوان في مجلس الوزراء ميرفت عيتاني نقلت أمس تعهّد رئيس الحكومة تمام سلام رسمياً أن «ملف التحقيق سيسلّم إلى الأهالي كاملاً ما يعني أن قرار الشورى سينفّذ من دون انتقاص أو تقييد وكأقصى حد الاثنين المقبل». وانطلاقاً من ذلك رفع ذوو المفقودين لافتات في الحديقة المحاذية لمدخل السراي الحكومية لجهة زقاق البلاط بعدما منعوا من الاعتصام على درج السراي، كتب عليها: «حكمت محكمة الدولة نفّذي يا دولة، ملف التحقيقات حقّ لأهالي المفقودين». وكان الأهالي، وإزاء امتناع الجهات الرسمية عن تنفيذ قرار مجلس الشورى حتى الآن، باشروا من خلال جمعيتي «أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان» و «سوليد» حملتهم «زورونا في دوام أهالي المخطوفين»، ك «وقفة احتجاجية سلمية ورمزية متواصلة كل خميس قبالة السراي حتى تنفيذ القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة، للتضامن مع الأهالي وتأكيد حقهم في معرفة مصائر احبائهم المفقودين والمخفيين قسراً، والدفاع عن المبادئ التي يجب ان تصون لبنان الغد»، بحسب ما جاء في الاعلان الترويجي للحملة، التي أشارت الى ان اهداف تحركها تتلخص ب «تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة، المتعلق بهذا الصدد، الدفاع عن دولة القانون، ومبدأ فصل السلطات، واستقلالية القضاء، وصدقية المؤسسات، وتأكيد حق الأهالي في معرفة مصائر أحبائهم أسوة بكل دول العالم». وفي هذا الاطار، سألت «الحياة» رئيسة لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وداد حلواني عما يتوقعه الأهالي جراء حصولهم على التقرير – الملف، من نتائج، لا سيما ان دون ذلك مخاطر تتعلق بالسلم الاهلي، كما تقول الدولة، فأجابت: «هذه معلومات تعطينا افكاراً إضافية ويمكن ان تشكل لدينا صورة نهائية عن مصائر الاشخاص المفقودين الذين تم التحقيق في ملفاتهم، كما تعطينا خريطة نهائية لأماكن وجود المقابر الجماعية التي تم ذكرها في التقرير، وعلى الأقل إذا هناك أموات على الجميع احترامهم ونريد معرفة مكانهم». وطالبت ب «تنفيذ قرار قضائي صادر عن أعلى سلطة قضائية إدارية في الدولة». أما الكلام على خطر، فتعتبره حلواني تهرّباً من المسؤولية فقط، «لأن الكثير من دول العالم التي شكلت لجان تحقيق في الجرائم المماثلة، كالارجنتين، والمغرب، وتشيلي والتي أعطت الأجوبة للأهالي عن مصائر ابنائهم، لم تصل الى حرب أهلية من جديد...لا نحمل بواريد ولا سلاح بل نحن صناع سلام». وتخبر يسرى المحمود عن شقيقتها «الدكتورة سامية المحمود التي خطفت عام 1982 و4 فتيات يبلغن من العمر 27 سنة عند طريق العادلية بعد المتحف عندما كن يتوجهن إلى مطار سورية بسبب إقفال مطار بيروت في الحرب بغاية السفر... نحن أضعنا روحاً قتلوها الله يرحمها ولكن نريد لمس رفاتها. أحتفظ بكتبها لغاية الآن على سريرها مع وردتها التي تركتها في أحد الكتب وفساتينها معلّقة». أما آمنة بنات الفلسطينية التي تسكن في برج البراجنة، فحملت صورة لأولادها الأربعة «عزيز وأحمد ومنصور وابراهيم الذين فقدوا عام 1984 وأُخذوا بشاحنة عليها شعار جيش ولا أعرف من لأنني لم أجد القراءة». وأبدت شقيقة المخطوف عبد الهادي المعلم عتبها على الحكومة «التي لم تتطلّع فينا وبمصير شقيقي الذي كان يخدم في ثكنة الحلو عام 1984 ولم يعد إلى قب الياس ولا أحد ذهب ليسأل عنه».