بقي من الحرب الأهلية في لبنان ملف لم يغلق. ملف مصير المخطوفين والمفقودين والذي تتجدد المطالبة بحسمه مع كل ذكرى 13 نيسان (أبريل)، فتستعيد أمهات وزوجات المخطوفين دموعاً لم تجف. وأمس، نفذ أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان والمعتقلين في السجون السورية، اعتصاماً في ساحة رياض الصلح بالقرب من الخيمة المنصوبة منذ سبع سنوات لحض المسؤولين على ختم هذا الجرح المفتوح، معلنين التنازل عن «معاقبة المرتكبين لجرائم الخطف في الماضي». وهتف الأهالي الذين حملوا صور أولادهم بالأبيض والأسود: «يللي راحوا بشر تنذكر وما تنّكر»، ورفعت الأمهات الصوت عالياً مطالبات بحقهن بمعرفة مصير المخطوفين «لأنهم لو كانوا أبناء نواب أو وزراء لكان مصيرهم عرف خلال 24 ساعة». وجددت اللجان الثلاث المعنية بالمخطوفين والمفقودين والمنفيين بمطلب «إقرار قانون للمفقودين والمخفيين قسراً». وبعد التوقيع على عريضة تطالب بذلك تمهيداً لرفعها إلى المجلس النيابي، تلت رئيسة «لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين» وداد حلواني بياناً قالت فيه: «منذ انتهاء الحرب، لم يعمل لبنان على إيجاد حل لضحاياها وفي مقدمهم المفقودون والمخفيون قسراً، ولاحقاً، ونتيجة المطالبات المستمرة لعائلات هؤلاء الضحايا بحقهم بمعرفة مصائر أحبائهم، شكلت الحكومة اللبنانية عام 2000 لجنة رسمية للاستقصاء عنهم، تلتها عام 2001 هيئة تلقي شكاوى أهالي المفقودين، تبعتهما لجنة ثالثة عام 2005، وكل ذلك من دون أي نتيجة حتى الآن». وذكّرت بأن «الدستور اللبناني نص على المساواة بين المواطنين، لأنه أكد حقهم بالحياة والكرامة الإنسانية»، وقالت: «التزاماً بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ساهم لبنان في وضعه وإقراره، وعملاً بالمعاهدات الدولية التي أقرها لبنان وأولها معاهدة مناهضة التعذيب، وتأكيداً لضرورة تجاوز الماضي لتمتين السلم الأهلي المنقوص، وتلافياً للجوء كل حكومة إلى وضع حل مجتزأ تتوقف مفاعيله (إن وجدت) مع مجيء حكومة أخرى، نشأت الضرورة لوضع قانون يخفف من معاناة أهالي هؤلاء الضحايا المستمرة ويخرجهم من عذاب الانتظار الطويل». وطالبت «النواب بتبني المشروع وإقراره ليصبح قانوناً»، موضحة أن «هذا القانون على مستوى المفقودين والمخفيين قسراً وعائلاتهم والمجتمع اللبناني برمته يؤدي إلى تكريس حق المعرفة والكشف عن مصائر جميع الضحايا المفقودين والمخفيين قسراً، وإلى اتخاذ إجراءات وقائية للحد من حالات فقدان وإخفاء قسري جديدة، وإلى تنظيم عملية تقفي آثار المفقودين والمخفيين قسراً، وتنظيم كيفية تحديد أماكن المقابر الجماعية، وتأمين حراستها، ريثما تكتمل كل الإجراءات اللازمة لفتحها والتعرف إلى هويات الرفات الموجودة داخلها». وأكدت أن هذا القانون «لا ينص على معاقبة المرتكبين لجرائم الخطف في الماضي بل معاقبة من يتمنع في الحاضر عن الإدلاء بمعلومات يملكها أو يمنع النفاذ إليها تساعد على تقفي الأثر ومعرفة مصائر المفقودين وتجنب تكرار جرائم الماضي».