تأقلم المسيحيون العراقيون منذ حرب عام 2003 مع الأوضاع الأمنية والسياسية المتردية، فامتنعوا عن الاحتفال بالأعياد، لتزامنها مع مناسبات دينية اسلامية، أو كوارث أمنية، باستثناء القاطنين في مدن إقليم كردستان. للعام التاسع يؤجل المسيحيون احتفالاتهم، والثالث لتزامنها مع ذكرى اربعينية الإمام الحسين، وبسبب الأزمات الأمنية والسياسية المتلاحقة. واقتصرت الاحتفالات على إقامة الصلوات والقداديس في الكنائس، فيما تراجع تبادل التهاني والزيارات بشكل كبير، ويضطر الكثيرون إلى تأديتها عبر استخدام وسائل بديلة كالإنترنت وأجهزة الاتصال الحديثة. عامل آخر لا يقل تأثيراً شكل سبباً في تراجع الاحتفالات، وهو الهجرة التي يقر رجال الدين والسياسيون المسيحيون بأنها نخرت الجسد المسيحي، وتفيد تقارير بأن بعض مناطق أو أحياء في البصرة وبغداد والموصل كانت غالبيتها من المسيحيين خلت من ساكنيها، قسم منهم لجأ إلى دول الجوار أو إقليم كردستان هرباً من أعمال العنف، والآخر تمكن من الهجرة إلى الغرب. وكانت أعداد المسيحيين وفق إحصاء عام 1947 تتجاوز 3 في المئة من عدد السكان في العراق، وقد تعرضوا لموجات هجرة متتالية، منذ ثمانينات القرن الماضي، أكبرها كان عقب الإحتلال الأميركي. وتشير التقديرات إلى أن عددهم الآن لا يتجاوز 500 ألف شخص. وأفاد السفير البابوي لدى العراق والأردن جورجيو لينغوا خلال زيارته البصرة أن «معظم مسيحيي العراق لديهم الرغبة بمغادرة البلاد». إلى ذلك، تتجه أنظار اتباع الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية وهم غالبية المسيحيين العراقيين، انتخاب بطريرك جديد الشهر المقبل في روما، خلفاً للكاردينال عمانوئيل دلي الثالث الذي تجاوز السن القانونية. وفي الطرف المقابل، وتحديداً في إقليم كردستان، فإن الأجواء تبدو مختلفة إلى حد كبير، من خلال مظاهر الزينة والنشرات الضوئية، التي تبنت تكاليف نفقاتها السلطات المعنية، وأعلنت إحدى الشركات نصب أكبر شجرة للميلاد في البلاد بطول 36 متراً في ناحية عنكاوا (4 كلم شمال اربيل)، ذات الغالبية المسيحية، كما نظمت بعض المؤسسات المدنية والكنسية، احتفالات للأطفال، ومن المنتظر إقامة احتفالات ساهرة في الساحات العامة والقاعات. وأعلنت الحكومة الكردية عطلة رسمية للمؤسسات التربوية لمدة ثمانية ايام بدءاً من 25 الشهر الجاري.