يواجه حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني خيارات صعبة إزاء اختيار زعامة جديدة لحزب مؤلف من أقطاب قد تتقاطع في التوجهات، فيما أكدت قيادة الحزب التزامها الركائز الأساسية للمبادئ والسياسة والمناصب من دون تغيير. ويرى مراقبون أن تأثير فراغ غياب طالباني إثر تدهور حاله الصحية على الساحة السياسية العراقية ككل، لن يكون أقل تأثيراً في مصير حزبه الذي يتحفظ قادته عن الحديث عن مرحلة ما بعد طالباني، وسط غموض يلف الأسماء المتداولة لتولي رئاسة حزب نشأ من رحم أقطاب لا يستبعد انشقاق بعضهم، على غرار زعيم حركة «التغيير» المعارضة نوشيروان مصطفى. وفي أول اجتماع عقده المكتب السياسي للحزب بعد إصابة طالباني (80 سنة) بجلطة دماغية، أكد أن «القيادة أكدت التزامها برنامج المؤتمر الثالث ونهجه ومقرراته، ومبادئ ما بعد المؤتمر حول المناصب والمؤسسات في إطار السياسة نفسها المقررة داخل الاتحاد الوطني بلا تغيير، فضلاً عن الحفاظ على الركائز الأساسية لسياسة ومؤسسات الاتحاد الوطني، وكذلك المسؤوليات، كما هي موجودة والمقرّة من قبل السيد جلال طالباني». وشدد الحزب على «اتفاق القيادة على وحدة الصف، سواء على صعيد الحزب، أو في كردستان أو العراق أو المنطقة والعالم»، وختم البيان «بالأمل بأن يعود الرئيس وهو بصحة مفعمة، لمواصلة سياسته الحكيمة لتنوير الدرب المليء بالمشاكل والأزمات». وعن قراءته مستقبل الحزب، ذكر رئيس تحرير صحيفة «هاولاتي» الكردية كمال رؤوف ل «الحياة» إن «طالباني كان يمتلك كاريزما تمكن من خلالها من توحيد الانقسامات داخل حزب الاتحاد الوطني، وإقناع قادته بالواقع القائم، وحتى عندما كان يتمتع بصحة جيدة، كان يجري حديث عن تحديد شخصية بديلة، وسبق وأن طرحنا هذا السؤال عليه شخصياً، ورد بأن المكتب السياسي إذا لم يتمكن من بعدي اختيار شخصية لقيادة الحزب، فإن هذا الحزب غير قابل للاستمرار». وأضاف «اعتقد أن غياب طالباني سيؤثر بشكل كبير في مستقبل الحزب، وقد ينشق البعض، ومن المؤكد أن هناك جدلاً الآن بعد تدهور صحة الرئيس، وعلى الأقل هذا ما يبدو من البيان الصادر عن اجتماع الحزب الأخير. أنهم يعقدون الأمل على عودته». وتأسس «الاتحاد الوطني» في 1 حزيران (يونيو) 1975 كرد فعل على الانهيار الذي منيت به الحركة الكردية بزعامة مصطفى بارزاني وحزبه «الحزب الديموقراطي الكردستاني» عقب توقيع اتفاقية الجزائر بين الحكومة العراقية وإيران، الدولة الداعمة للحركات المسلحة الكردية آنذاك، سبقتها خلافات بين مصطفى بارزاني وطالباني الذي كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب، ما أدى إلى انفصال طالباني عن الحزب وتشكيل حزب جديد برئاسته ضم 5 قوى كردية مختلفة أبرزها «مجموعة كادحي كردستان» بزعامة نوشيروان مصطفى الذي انتخب نائباً لرئيس الحزب آنذاك. وأوضح رؤوف إن «الاتحاد مشكل من أقطاب عدة، وتتمتع بتوازن في ما بينها إلى حد ما، وهناك تشاؤم من ألا تتمكن من الانسجام، وهم يؤجلون الحديث إلى حين انعقاد مؤتمر الحزب في نهاية حزيران (يونيو) المقبل». وزاد «لكني اعتقد أنه في حال استمرار تدهور صحة طالباني، فإن قيادة الحزب لن تصل إلى موعد المؤتمر إلا وقد انشق بعض أطرافها».