يقوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة رسمية إلى الهند غداً، يأمل خلالها بتوقيع صفقات سلاح ضخمة. وتتحدث موسكو عن عقود قيمتها بلايين الدولارات تركز على سلاحي الجو والمشاة، وتعيد إلى الأذهان «صفقة القرن» التي وقعها بوتين خلال زيارته الأخيرة إلى نيودلهي في العام 2010، علماً أن خبراء خفضوا سقف توقعات الكرملين. وسيلتقي بوتين رئيسة حزب المؤتمر الحاكم سونيا غاندي وزعيم المعارضة سوشما سواراج. وكانت الزيارة التي ينتظر أن تستمر يوماً واحداً مقررة قبل شهرين، لكن الكرملين طلب تأجيلها بسبب عارض صحي أصاب بوتين. وينتظر أن يجري الأخير جولة محادثات مطولة مع رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ. وقالت مصادر الديوان الرئاسي إن عدداً كبيراً من الملفات سيطرح على طاولة البحث، بينها العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية خصوصاً ما يتعلق بالوضع في أفغانستان والشرق الأوسط إضافة إلى المشكلة النووية الإيرانية. لكن التركيز الأساس، وفق الدائرة الصحافية في الكرملين، سينصب على «إجراءات ملموسة لتعزيز الشراكة الإستراتيجية والاقتصادية خصوصاً في مجالي الدفاع والطاقة». وأكد الكرملين أن المبادلات التجارية بين البلدين ارتفعت بنسبة 30 في المئة في الشهور العشرة الأولى من 2012 بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. وينتظر أن يوقّع الجانبان 10 اتفاقات في مجالات مختلفة بينها الصحة والتعليم والطاقة. ولم تستبعد مصادر روسية أن يركّز الجانب الروسي على توسيع التعاون في مجال الطاقة الكهروذرية، علماً أن موسكو بنت محطة لتوليد الطاقة الكهروذرية في الهند وأملت بتوقيع عقود إضافية لإنشاء 6 محطات مماثلة، لكن سجالات واسعة أثيرت حول هذه المسألة في نيودلهي بسبب حصول أعطال فنية، ما دفع إلى توقع أن يكون هذا الموضوع واحداً من الملفات الصعبة خلال المحادثات. غير أن التعاون العسكري ينتظر أن يكون العنصر الأهم في المحادثات المرتقبة. وتُعدّ الهند أكبر شريك لروسيا في مجال مشتريات السلاح، وتفوقت منذ سنوات على الصين التي كانت تحتل هذا الموقع. ووفق معطيات، تعتمد 70 في المئة من قدرات سلاح الجو الهندي كلياً على التقنيات الروسية، خصوصاً على مقاتلتي «ميغ» و «سوخوي» وأنظمة الدفاع الجوي الصاروخية. كما يعتمد سلاح المشاة في شكل مكثف على دبابات «تي 90» الروسية الصنع. وينتظر الكرملين أن يتمكن بوتين من إحراز «انتصار ضخم» على غرار حصيلة زيارته في العام 2010 عندما وقع الطرفان عقود تسلح تجاوزت قيمتها 10 بلايين دولار، ووصفت ب «صفقة القرن» بالنسبة إلى روسيا التي يبلغ حجم صادراتها السنوية من السلاح نحو 14 بليون دولار. وقال ايغور كوروتشينكو مدير المركز الروسي لتحليل تجارة الأسلحة في العالم، أن موسكو ستبرم عقداً لبيع 42 مقاتلة من طراز محدّث ل «سوخوي 30» بقيمة 3.77 بليون دولار إلى جانب تحديث 40 طائرة من هذا النوع. ويمكن أن تشمل الصفقة 12 مروحية من طراز «مي-17» تضاف إلى 59 مروحية طلبتها الهند من قبل، كما تحدّث الخبير عن إمكان بيع فرقاطات وصواريخ. وأوردت مجلة «أفييشن ويك» المتخصصة أن قيمة العقود العسكرية يمكن أن تصل إلى 7.5 بليون دولار. لكن خبراء روساً خفّضوا سقف توقعات الكرملين، خصوصاً أن العلاقات توترت بين موسكو ونيودلهي خلال العام الأخير، بعدما استاءت الهند من «عدم احترام مهل محددة في طلبية تعود إلى 2004 لحاملة الطائرات الأدميرال غورشكوف من العهد السوفياتي تم تجديدها. وقد تضاعفت كلفتها لتصل إلى 2.3 بليون دولار وأرجئ تسليمها من 2008 إلى 2013». وكانت أولى علامات هذا التراجع فشل موسكو في الفوز بمناقصة دولية لتزويد الهند بنحو 40 مروحية هجومية من طراز «مي 28»، فضلت نيودلهي اعتماد هذه الآلية لشرائها بدلاً من الاتفاقات الثنائية الموقعة. وأفادت مصار هندية قبل شهور إن على موسكو أن تعتاد على أن نيودلهي ستنتقل في مشترياتها كلها من السلاح إلى قوانين المناقصات الدولية، مشيرة إلى عروض «جيدة» من بلدان عدة خصوصاً اسرائيل والولايات المتحدة. وحذّر رئيس المجلس الروسي للسياسة الخارجية والدفاع فيودور لوكيانوف من أن «روسيا كانت تحتكر سوق الأسلحة في الهند لكن حصتها تتراجع مع أنها لا تزال تواصل بيعها الكثير». وأضاف: «على بوتين أن يظهر مدى أهمية هذه العلاقات لروسيا».