لمع اسم الكاتبة والصحافية والمذيعة اللبنانية - السورية أنيسة حلو في عالم الكتب التي تُعنى بفن الطبخ العالمي، وذلك بعد صدور كتابها الأول «المطبخ اللبناني» في لندن عام 1994، وهو كتاب سهل لتعليم الأوروبيين طرق تحضير الأطباق اللبنانية. تعدّ حلو، التي عاشت في لندن سنوات طويلة، من أهم خبراء العالم اليوم في المطبخ المتوسطي. ووضعت ستة كتب في هذا المجال، وتكتب في عدد من الصحف والمجلات الأجنبية المتخصصة، فضلاً ظهورها في برامج إذاعية وتلفزيونية مختلفة حول العالم. وهي تملك مدوّنة إلكترونية تحظى بنسبة قراءة عالية وتتناول موضوع الطعام والرحلات التي قامت بها، مرفقة بصور عالية الجودة. وتعمل حالياً على إعداد كتابها السابع بعنوان «المشرق» الذي سيصدر عن دار «هاربر كولينز» في منتصف عام 2013. ولدت حلو لأب سوري من قرية مشتى الحلو وأم لبنانية. ويتضمن كتابها المقبل «طابعاً شخصياً أكبر من ذاك الذي اتّسمت به الكتب السابقة، إذ أعود بذاكرتي قليلاً إلى الحياة التي عشتها في سورية ولبنان حين كنتُ شابة، وأروي كيف كنتُ آكل وأتسوّق مع والدتي، وكيف كنت أشاهد عمتي السورية تحضّر كلّ شيء في المزرعة». ويحتوي كتابها على وصفات من تركيا وسورية ولبنان وإيران. وصنفت الوصفات «وفق طريقة الأكل، سواء في المزرعة، أو في محال الحلويات، أو في السوق، وأضيف فهرس في النهاية لتفسير بعض المكوّنات الأساسية». كانت زهية، عمّة أنيسة، تعيش في مشتى الحلو في «منزل حجري قديم وجميل بناه زوجها في نهاية القرن التاسع عشر». وكانت عائلة أنيسة تقيم في منزلها حين تأتي من لبنان لزيارة سورية. «أمضينا عطلات الصيف هناك، نقطف الفاكهة، من تين ورمان وعنّاب، ونساهم في تجفيفها وحفظها». ووصفت في كتابها كيف كانت عمّتها تعدّ الملبن. «كانت عمتي زهية تحضّر لنا خبز التنور كلّ بضعة أيام، وعلّمتها والدتي طريقة تحضير منقوشة التنور. ولغاية اليوم، لا يمكنني أن أمرّ إلى جانب فرن تنور من دون أن أشتري خبزاً. ومتى أخبرتُ الفرّان عن عمتي، أعطاني رغيفاً، علماً أن غالبية الفرانين على جانب الطريق هم من النساء». وأضافت: «أحبّ حسن الضيافة والكرم السوري والعربي والتركي والإيراني». وبفضل زوجة عمّ أنيسة «التي كانت بدينة جداً، تعلّمنا أن نحب أقراص الكبة المشوية، وطبق المقلوبة». زوّدت أنيسة «الحياة» صورتين لها في مشتى الحلو، تعودان إلى مطلع ثمانينات القرن الماضي. وتظهر في الصورة الأولى واقفة عند مدخل الدار الذي يعلو منزل العمة زهية. وفي الصورة الثانية، تقف أمام منزل عمتها ويظهر في الصورة سطح المبنى حيث كانت تجفّف التين والمنتجات الأخرى. منذ بضع سنوات، بدأت حلو تنظّم جولات طعام وطبخ في بعض البلدان، بما فيها جولات في سورية بعنوان «أطايب فن الطهو في دمشق وحلب». إلا أن برنامج الرحلات تلك توقف بسبب الحرب المستعرة في سورية منذ 21 شهراً. تقول بحسرة: «الوضع في سورية اليوم كارثي. ويبدو الخراب مروّعاً في المناطق التي يهاجمها النظام. لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن حكومة أن تهاجم شعبها وتقتله بالطريقة التي يقتل فيها النظام السوري شعبه، ولا أستطيع تقبّل وحشيّتهم وافتقارهم إلى الإنسانية». وتأمل أن يسقط النظام قريباً وأن يتمكن السوريون، بعد فترة من الفوضى، «من قيادة بلدهم نحو الديموقراطية والتمثيل العادل». البدايات على رغم أنّ حلو تُعتبَر شخصية بارزة في المطبخ الشرق أوسطي، لم تبدأ مسيرتها المهنية بتأليف كتب طبخ، بل عملت في مجال الفن والاستشارات الفنية. وكانت رحلت عن لبنان في سن الحادية والعشرين لدرس التصميم الداخلي في لندن. والتحقت بصف أعمال الفن في دار «سوذبيز» الشهير للمزادات في لندن، وباتت تمثّل الدار في الشرق الأوسط. وفي سبعينات القرن الماضي، قسّمت وقتها بين متجر التحف الأثرية الذي كانت تملكه في باريس وبين الاستشارات في مجال الفن والقطع الأثرية في لندن. وبين عامي 1978 و1986، عاشت في الكويت، وقدّمت نصائح لأفراد الأسرة الحاكمة في شأن زيادة حجم مجموعاتهم من التحف الإسلامية. وجمعت تحفاً فنية وأثرية. وتشير حلو إلى أنّ نجاح كتابها الأول «شكّل مفاجأة سارة. وقد عملتُ بكدّ عليه. وبما أنني استمتعت بالبحوث التي أجريتُها، وتلذذت بكتابته، واختبار الوصفات ولقاء عدد كبير من الأشخاص الرائعين في عالم المطبخ، قرّرتُ أن أستمر في ذلك، وأن أؤلف مزيداً من كتب الطبخ». عاشت حلو طوال العقد الماضي في مبنى مؤلف من طابقين، كان يُستخدَم مصنعاً في منطقة شورديتش شرق لندن. أما الطابق العلوي، فعبارة عن مطبخ كبير واسع وكامل التجهيزات، تُعطى فيه دروس طبخ، وتحضَّر الأطباق وتقام أندية عشاء. وعن توقعاتها لمستقبل الميول الغذائية العالمية، تقول إنّ «تناول الطعام في الشارع بات رائجاً، شأنه شأن تحويل العشاء الراقي إلى عشاء غير رسمي. وبالنسبة إلى المكوّنات، فسيجول الطهاة أرجاء العالم بحثاً عن مكوّنات جديدة ومثيرة لإضافتها إلى مجموعات وصفاتهم».