"مندي الرياض، مندي الخليج، مندي وادي حضرموت، مندي الشام" أسماء لمطاعم لم يكن لها وجود قبل عام 1997، دخلت الشام واستقرت ضمن قوائم "المطبخ الشامي" سواء برغبته أم دون ذلك، ونافست أشهر أكلاته مثل "شيش برك، والمشاوي الحلبية، والكبة...إلخ وغيرها كثيرا. "الوطن" جالت شوارع دمشق التي توجد فيها مطاعم بيع "لحم ودجاج المندي المطبوخ على التنور"، ففي شارع "مساكن برزا" الذي يمتد طوله قرابة 300 متر، يوجد على ضفتي الشارع قرابة خمسة محلات، وفي شارع الميدان الأكثر صخباً في الشام نافست مطاعم المندي أكبر محلات الحلويات الدمشقية العريقة والمشهورة. ولم تكن المنافسة محصورة على العاصمة، بل امتدت إلى ريف دمشق، وإلى المناطق السياحية في أغلب المدن السورية، بل حتى في المناطق التي يغلب على ساكنيها الانتماء إلى الطائفة المسيحية – مثل منطقة مشتى الحلو- كان المندي حاضراً بقوة على قائمة لمأكولات. بعد الاحتلال الأمريكي للعراق أبريل عام 2003، لجأ أكثر من 4 ملايين عراقي للجوار السوري هروباً من ويلات ما بعد الاحتلال، حاملين معهم ثقافتهم الغذائية والمعيشية، وأدخلو في السوق الشامي الأكلات العراقية الشهيرة "السمك المسكوف، والكباب العراقي"، إلا أنهم بحسب صاحب مطعم وادي حضرموت الذي فضلنا أن ندعوه بأبي صلاح قال :"إن الأكلات العراقية لم تنتشر ولم تفرض نفسها على القائمة الشامية مثل المندي الذي يمتلك مقومات صحية لا تؤثر على صحة الإنسان، لأنها خالية من الدهون". وأضاف أبو صلاح "إن "أكلة المندي دخلت عبر طريق رجل أعمال يمني يدعى العميسي في عام 1997 . في البداية – وفقاً لأبي صلاح- لم يكن الإقبال على المندي كبيراً، إلا في أوقات الاصطياف من السياح السعوديين والخليجيين، حيث لم يقبل السوريون على الأكلة إلا بعد 2001، تقريباً، فأضحى 85% من جمهور مطاعم المندي من السوريين، و15% من المصطافين الخليجيين، والوفود السياحية من شرق آسيا ودول أوروبا بشقيها الغربي والشرقي". وفي تجوال "الوطن" قابلنا شابا اسمه وائل في العقد الثالث من العمر، مصطحباً زملاء له من روسياالبيضاء على أكلة المندي، وقائلاً "إنهم أعجبوا بالأكلة بشكل كبير، وعازمون على أكلها قبل سفرهم لديارهم". ويعود أبو صلاح صاحب المطعم ليقول إن "العمالة السورية تعلمت فن طبخ المندي بشكل واسع، وأضحوا طهاة يشهد لهم بالكفاءة"، مضيفاً "إن عدد من الأكلات الأخرى كالمظبي، والمدفون، والمضغوط، ستكون حاضرة خلال الشهور القادمة، مع قرينتيها اللحم والدجاج المندي". ويجهز طعام المندي بإشعال حطب داخل التنور وعند تحوله إلى جمر، يوضع اللحم داخل التنور فوق الجمر "طبعا بوجود سلة معدنية أو لف الطعام بورق قصدير، ومن ثم إغلاق التنور بغطائه وبعدها وضع الرمل أو التراب فوق الغطاء بما يتوازى مع سطح الأرض، وعندها فإن الإغلاق المحكم يمنع دخول الهواء، مما يتسبب في انطفاء النار وبقاء الحرارة الشديدة فينضج الطعام عن طريق الحرارة العالية. ويجب التأكد بأنه لا يوجد أي متنفس لدخول الهواء حتى لا يساعد على اشتعال النار واحتراق الطعام.