في مثل هذا الوقت من كل عام تتكرر ظاهرة إقبال النساء على اقتناء "كتب الطهي"، فما أن يحل شهر رمضان حتى يتهافتن على شراء هذه النوعية من المطبوعات، التي يخصص لها أصحاب محلات الأواني المنزلية والمكتبات الخاصة مكاناً خاصاً وبارزاً، ولا يقتصر الأمر فقط على المطبخ المحلي، بل يتعدّاه إلى المطبخ الخليجي واللبناني والمغربي، إضافة إلى أفضل ما تقدمه المطابخ العالمية، وكل هذا بغية أن تحوي طاولة الإفطار بعد عناء يوم كامل من الصيام تشكيلة ثرية لمجموعة مختلفة من المأكولات الشهية. وبخلاف ما قد يتصوره كثيرون فقد اتضح أن المتزوجات حديثاً هن الأكثر إقبالاً على اقتناء هذه الكتب المتعددة في فن الطهي، بحكم حداثة تحملهن المسؤولية الزوجية. تفصيلاً دقيقاً تقول "أم مساعد المنديل" - ربة منزل-: أنا معتادة في الأيام العادية على طبخ وجبة الغداء فقط، أما العشاء فمعظم الوقت يكون أبنائي خارج المنزل ويفضلون الوجبات الخارجية، مضيفةً في شهر رمضان الأمر مختلف تماماً فأنا أحب دخول المطبخ منذ الصباح والتخطيط لإعداد أصناف من الأكلات الجديدة، ولهذا السبب أقوم بشراء أحدث كتب الطبخ التي تطرحها الأسواق والمكتبات ويشمل تفصيلاً دقيقاً لكيفية إعداد الوجبات بمختلف النكهات والمقادير الدقيقة، مفسرةً ذلك برغبتها في تطوير مهاراتها، ومواكبتها لكل ما يطرأ من جديد في عالم الطبخ، وأنه بالفعل نجحت خلال رمضان الماضي في ابتكار وجبات جديدة في البيت نالت إعجاب زوجها وأبنائها، كما أن بناتها ابتكرن أكلات جديدة في الطهي وهذا يفيدهن في المستقبل. لقيمات وسمبوسة واعتادت "أم عبدالله" - ربة منزل - على تحضير الأصناف الجديدة في رمضان، إضافة إلى أصناف تعرف بأنها مرغوبة من أبنائها وزوجها، وتقول: يحرص أبنائي وزوجي على أكل "اللقيمات" و"سمبوسة اللحم" و"طبق سلطة" إلى جانب الطبق الرئيسي الذي غالباً ما أقوم بتنويعه في كل يوم، مستطردةً أحرص على الوجبات الصحية وليس فقط التركيز في الطبخات الدسمة والثقيلة، وهذا ما يجعلني أركز في برامج التلفزيون التي تتفنن فيها كل قناة بعرضها أحدث الأكلات، كما أن لديّ كتب عديدة في فن الطبخ أستعين بها خلال هذا الشهر الفضيل. جهاز للعجن في حين بدأت "أم سعود العمر" - معلمة - استعدادها لرمضان هذا العام مبكراً وتقول: اشتريت "جهازا للعجن" بأكثر من ألفي ريال، وذلك لعمل الفطائر والمعجنات، كما اقتنيت أحدث كتب الطهي التي طرحت هذا العام، وكانت بحق متنوعة ومتجددة، حيث إنني قمت بتجربة العديد من الوصفات بغرض معرفة كيفية صنعها، مضيفةً رغم متابعتي لبرامج الطهي في التلفزيون إلا أن ذلك لم يشفِ غليلي، فالكتب أراها أفضل بكثير مما يعرض على القنوات، فهي معي في حقيبتي اليدوية، كما أضع بعض الكتب أمامي في المطبخ، مفسرةً ظاهرة تنامي الإقبال على كتب الطهي في رمضان بأنه شيء طبيعي ويتلاءم مع الأجواء السائدة في هذا الشهر الكريم، وأن كل واحدة من النساء تريد أن تكشف عن كفاءاتها أمام معارفها وأفراد أسرتها. ضغطة زر ولأن "عبير حمد" - متزوجة حديثاً - من بنات هذا الجيل فهي لا تُحَمل نفسها عناء البحث بين مجلدات كتب الطهي، طالما تستطيع وب "ضغطة زر" على جهازها "اللابتوب" أن تطلع على أحدث الوصفات وتحميلها على ملف خاص أسمته "طبخات رمضان"، مضيفةً أي طبخة أريد معرفة مقاديرها فإنني أبحث عنها على بعض المواقع والمنتديات التي قمت بالتسجيل فيها قديماً، مشيرةً إلى أنه خلال دقائق تأتي الوصفات مع صورها بشكل مفصل، حتى أنني أستطيع تصويرها ووضعها ضمن ملف ورقي في حال طلبت إحدى أخواتي هذه الوصفات. أكل شعبي وإذا كان بعض النساء يسعى إلى التفنن في إعداد الأطباق في شهر رمضان من خلال الاطلاع على كل ما هو جديد في فن الطبخ، فإن أخريات خاصة من المتقدمات في السن، يتمسكن بالأطباق التقليدية التي تميز شهر رمضان، والتي لا تخرج عن الأصالة والبساطة ويرفضن التجديد، حيث تقول "أم ياسر" - 65 عاماً - وتعيش بمفردها بالمنزل: لا بديل عن الطبخ القديم وأنا لا أثني الشابات عن تعلم الأكلات والطبخات الحديثة، ولكن وبحكم سني فأنا أفضل الأكل الشعبي والتقليدي على أكلات لم أسمع بها من قبل، ولم أعتد على أكلها مثل "التورتيلا" وأنواع المكرونات، موضحةً أنها تُحرض بناتها يومياً في شهر رمضان على عمل أطباق متنوعة ومبتكرة من إعدادهن، إلا أنها لا تأكل سوى ما يكون مستساغاً لها مثل المعجنات واللقيمات. عشرة كتب ويقول "مصطفى عبد الرحيم" - مسئول مبيعات في إحدى المكتبات : أن الناشرين يجنون أرباحاً طائلة من وراء طبع كتيبات الطبخ المتنوعة بأسلوب جذاب، مشيراً إلى أن المعدل اليومي لمبيعات هذه الكتب يتجاوز في المجموع أكثر من عشرة كتب، بل ربما يفوق أحياناً مبيعات الصحف اليومية، موضحاً أن هناك من النسوة من تشتري 10 كتيبات مختلفة لبعض الأكلات دفعةً واحدة، وما يحفزهن أكثر على الشراء هو الثمن الرخيص للنسخة الواحدة إذ لا يتجاوز 20 ريالا، كما أن المناخ العام في رمضان بدوره عامل مشجع بحكم تعدد الأطباق على "سُفرة الإفطار".