تلعب الشركات المساهمة دوراً مهماً في اقتصاديات الدول، كون هذه الشركات قادرة أكثر من غيرها على تنفيذ مشاريع استثمارية كبيرة تعمل على تحسين الاقتصاد ورفع كفاءته، وتوسيع قاعدة السوق الأفقية والرأسية. فهي تعمل على حشد المدخرات، وتحفيز عملية اندماج الشركات الصغيرة ذات الملكية الفردية، لتكوين كيانات كبيرة قادرة على الإنتاج بكميات اقتصادية، تدفع بعجلة الاقتصاد والتنمية إلى الأمام، كما أن قدرة الشركات المساهمة على الاستمرار تعطي الاقتصاد استقراراً أفضل. ففي ظل الشركات المساهمة يمكن أن نرى انهيارات للإدارات أو مجالس الإدارة وتغييرها، أو موت مؤسسيها، أو ذهابهم، ولكن تظل الشركة قائمة، وقدرة الشركات المساهمة على التجدد تبقيها قوية قادرة على العطاء دائماً، وهو ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الكلي. وعند البدء في إنشاء شركة ما تتعدد طرق التمويل، منها رأس المال الفردي، وشركات الأفراد. وفي هذه الحالات يكون التمويل محدوداً، بينما في حالة تطلبت المشاريع رأسمال كبيراً لتمويل مشاريع ضخمة، فإنه يتم توزيع رأس المال على عدد كبير من الأفراد. وللوصول إلى هذا العدد تجب تجزئة رأس المال إلى حصص ملكية صغيرة تعرف بالسهم، يمثل كل منها حقاً لمالكه في الشركة المساهمة، وتحدد للسهم قيمة عند تأسيس الشركة تعرف ب «القيمة الاسمية». وتسهم الشركات المساهمة في دعم البورصات والأسواق المالية بجذب الأموال والمدخرات لتمويل مشاريع استثمارية تنموية كبيرة من خلال «الاكتتاب العام»، إذ يمكن لعدد من الأفراد والمستثمرين تمويل المشاريع الكبيرة، من خلال تجميع مبالغ صغيرة تُدفع لشراء أسهم في تلك المشاريع، إضافة إلى جذب وتسهيل انسياب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، وتحسين بيئة الاستثمار من خلال تعزيز معايير الرقابة والشفافية، والإفصاح عن أعمال الشركات والمؤسسات المدرجة في السوق، إضافة إلى تحفيز عمليات الاندماج للشركات الصغيرة لتكوين شركات كبيرة قادرة على المنافسة. وبدأت الشركات السعودية المساهمة نشاطاتها أواسط الثلاثينات الميلادية، عندما تم تأسيس «الشركة العربية للسيارات» كأول شركة مساهمة في المملكة، وبحلول العام 1975، كانت هناك 14 شركة مساهمة. وأدى النمو الاقتصادي السريع، جنباً إلى جنب عمليات سعودة جزء من رأسمال المصارف الأجنبية في السبعينات، إلى تأسيس عدد ضخم من الشركات والمصارف المساهمة. وظلت السوق المالية السعودية غير رسمية حتى أوائل الثمانينات، عندما باشرت الحكومة النظر في إيجاد سوق منظمة للتداول، والأنظمة اللازمة لذلك. وتم في عام 1984 تشكيل لجنة من وزارتي المالية والاقتصاد الوطني والتجارة ومؤسسة النقد العربي السعودي، بهدف تنظيم وتطوير السوق. وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي الجهة الحكومية المعنية بتنظيم ومراقبة السوق، حتى تأسست هيئة السوق المالية في 2/ 6/ 1424 ه (31/ 7/ 2003) بموجب «نظام السوق المالية» الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 30، للإشراف على تنظيم ومراقبة السوق المالية، من خلال إصدار اللوائح والقواعد الهادفة إلى حماية المستثمرين، وضمان العدالة والكفاءة في السوق. وارتفع عدد الشركات المساهمة المدرجة أسهمها في السوق المالية إلى 157 شركة، منها شركتان أسهمهما معلقة عن التداول، هما «شركة بيشة للتنمية الزراعية» منذ مطلع العام 2007، وشركة «مجموعة محمد المعجل» منذ 22 تموز (يوليو) الماضي. وتوزعت الشركات المساهمة المدرجة في السوق على 15 قطاعاً، تبلغ رؤوس أموالها 422 بليون ريال، فيما تبلغ قيمتها السوقية، بحسب نهاية الأسبوع الماضي، 1.384 تريليون ريال. ويعد قطاع الصناعات البتروكيماوية أكبر قطاعات السوق، بقيمة سوقية بلغت 443 بليون ريال، نسبتها 32 في المئة، بفضل الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) التي تستحوذ على 20 في المئة من القيمة السوقية، تعادل 273 بليون ريال، فيما يُعد قطاع المصارف والخدمات المالية ثاني أكبر القطاعات بقيمة سوقية تبلغ 307 بلايين ريال نسبتها 22 في المئة. ويتصدر مصرف الراجحي قطاع المصارف بقيمة سوقية بلغت 97 بليون ريال، نسبتها 7 في المئة من قيمة السوق، ثم «مجموعة سامبا المالية»، بقيمة سوقية تبلغ 40.4 بليون ريال، نسبتها 3 في المئة. ثم يأتي قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات الذي يتكون من 5 شركات، منها الاتصالات السعودية، واتحاد الاتصالات، وزين السعودية، واتحاد عذيب ثم الاتصالات المتكاملة. وتبلغ القيمة السوقية للقطاع 149 بليون ريال، نسبتها 11 في المئة. ويأتي بعد ذلك قطاع الأسمنت الذي يتكون من 12 شركة مساهمة، بقيمة 74 بليون ريال، نسبتها 5.4 في المئة، وتنحصر مساهمة بقية القطاعات في القيمة السوقية بين 5 في المئة لقطاع الاستثمار المتعدد، و0.4 في المئة لقطاع الإعلام والنشر. ومن الملاحظ تطور أداء السوق المالية السعودية منذ إنشائها حتى نهاية العام الماضي. ففي العام 1985 بلغت الكمية المتداولة 93 مليون سهم، قيمتها 98 مليون ريال، من خلال 7842 صفقة. وفي عام 2000 ارتفعت الكمية إلى 555 مليون سهم، بقيمة 65.2 بليون ريال، عبر 85 ألف صفقة. وفي عام 2005 بلغت الكمية المتداولة 71 بليون سهم، بلغت قيمتها 4.1 تريليون ريال، من خلال 46 مليون صفقة. وفي عام 2007 بلغت الكمية المتداولة 58.8 بليون سهم، بقيمة 2.55 تريليون ريال، عبر 66 مليون صفقة، وفي عام 2008 تراجعت الكمية المتداولة إلى 59.6 مليون سهم، قيمتها 1.96 تريليون ريال، نُفذت من خلال 52 مليون صفقة، سجل خلالها مؤشر السوق أكبر خسارة سنوية بلغت 56 في المئة، بينما بلغت خسارة عام 2006 - الذي شهد بداية انهيار الأسعار - 52.5 في المئة، وبلغت القيمة المتداولة العام الماضي 1.09 تريليون ريال، من تداول 48.5 بليون سهم، تراجع معها مؤشر السوق بنسبة 3.07 في المئة، ليصل إلى 6417.73 نقطة.