الأيدي العاملة الفيليبينية والتايلندية «قبل المنع» مفضلة في الأعمال المهنية الفنية المنظمة، الهندية مفضلة في الوظائف التقنية، اللبنانية مفضلة في كذا، والتركية واليمنية والمصرية و«الهنولولية»، وكل الجنسيات التي نستضيفها، فلو سألت: الأيدي العاملة السعودية مفضلة في أي قطاع فماذا ستكون الإجابة؟ ظل ضعف مخرجات التعليم محور النقاش في قضايا التوطين، ونعرف أن مخرجات التعليم بالفعل ليست كما نطمح، وتطويرها أبطأ من وتيرة التوسّع في الأعمال، ومن وتيرة النمو السكاني، ومن وتيرة تسارع الأحداث الذي يؤثر في ثقافات جديدة تنشأ في العالم الذي نحن جزء منه. حسناً، على مستوى التعليم العالي جاء الابتعاث ليدرس أبناؤنا في مؤسسات تعليمية مخرجاتها أفضل كما يفترض، وربما تحلّ المشكلة مع الوقت بعودتهم وتغييرهم في التعليم، وبالتطور الذي ربما تخلقه المنافسة بين عشرات الجامعات حالياً التي قاد تأسيسها خادم الحرمين الشريفين لينقلنا من ثماني جامعات إلى أكثر من 30 جامعة. ماذا عن المستويات الأخرى؟ الأقل من البكالوريوس والماجستير وفلسفة التخصص، المستويات التي تخلق الوظائف الوسطى، وبعضها ليست وسطى في الحقيقة، فأهميتها وعائدها المادي يفوقان بعض وظائف الجامعيين، هل يمكننا تطبيق الابتعاث عليها؟ أقترح معتقداً بفكرتي، أننا يجب أن ننزل بمستوى الابتعاث إلى المعاهد في الهند والفيليبين وماليزيا أو أي مكان نجد في مخرجاته مستوى يلائمنا، فبلادنا لن تقوم فقط على الأطباء والمحامين والمهندسين والمسوّقين وعلماء الإدارة والحاسب واللغات، إنها تحتاج إلى كل المستويات، فإذا كان الابتعاث للجامعات يرفع مستوى المبتعثين العلمي وبالتالي المهني لاحقاً، فإن تلك المعاهد أيضاً ستفعل بمن يتخرجون في معاهد ليست جامعية في تخصصات فنية ومهنية مختلفة. هناك خيار آخر، هو أن نستقطب شراكات مع هذه المعاهد أو المؤسسات، لتأتي إلينا كشريك، نسلمها المعاهد الفنية التي تمتلك المباني، والمال، وبعض التجهيزات، ليطبقوا تجاربهم الناجحة لفترة من الزمن حتى يشتد عود التجربة التعليمية الفنية، ونوطّن معلمين ومدربين مؤهلين، وسيكون من دواعي سعادتهم فعل ذلك بالمقابل المادي الذي سيحصلون عليه. تنفيذ أحد هذين الخيارين يحتاج فقط إلى قرار، وتمويله سيكون جاهزاً من موازنات التعليم الفني، أو حتى بالاقتطاع من موازنة الابتعاث الحالية. حالة الإحباط أو عدم الثقة أو سمها ما شئت تجاه الموظف السعودي المهني أو الفني ليست شيئاً حدث فجأة، إنها تراكمات أخطاء التخطيط والتنفيذ في التعليم المهني، وتراكمات أخرى اجتماعية واقتصادية، واعترافنا بالخطأ خير من استمرارنا في محاولة «تلييس» جدار خشن. وللحديث صلة. [email protected] @mohamdalyami